-
/ عربي / USD
يُعد كتاب التوراة بالنسبة للباحث في الميثولوجيا وتاريخ الأديان أحد المفاتيح المهمّة لفهم آخر حلقات التاريخ الديني في منطقة الشرق القديم.
كما يُعتبر تاريخ فلسطين مقدمةً لا غنى عنها لفهم كتاب التوراة، وتوضيح السياق التاريخي لظهور أسفاره، وفهم الوسط الثقافي الذي أنتجها، والوضع الفكري لمحرريها، وبذلك يغدو تاريخ فلسطين جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الدين في المنطقة المشرقية.
وبما أن تاريخ آرام دمشق قد تقاطع مع تاريخ مملكتي إسرائيل ويهوذا خلال النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد، وهي الفترة التي شهدت نشوء هذه الممالك الثلاث وحروبها وتحالفاتها وإختلاف مصائرها، فقد تهيأت لي فرصةً انتظرتها طويلاً لأقول في تاريخ مملكة دمشق الآرامية ما لا يعرفه القارئ العربي حتى الآن، بسبب قلة الدراسات التي تعرضت لهذا التاريخ، وسيطرة وجهة النظر التوراتية عليها، فسلطتُ الضوء على حقبةٍ مهمة من تاريخ سورية الآرامية لم يتم حتى الآن إضاءتها والربط بين أحداثها.
فلقد جعلت مملكة دمشق من نفسها في تلك الحقبة القوة العظمى الثانية بعد آشور في منطقة الشرق القديم، ودافعت عن إستقلال مناطق غربي الفرات في مواجهة آشور فترةً طويلةً من الزمن، استطاعت خلالها الثقافة الآرامية الناشئة تثبيت أقدامها وتفتيح إمكاناتها الذاتية.
وعندما تهاوت دمشق، وإنهارت الممالك الآرامية سياسياً أمام آشور، قامت هذه الثقافة بالإستيلاء على غازيها من الداخل، فتكلمت آشور الآرامية بدلاً عن لغتها، وعندما شرب الفاتح الآشوري من الكأس التي سقاها للشعوب المغلوبة، وورث الكلدان ثم الفرس فيما بعد أملاكه الغربية، شمل المدى الجغرافي للثقافة الآرامية المنطقة الممتدة من حدود الهند إلى البحر المتوسط، فيما يدعوه المؤرخ أرنولد توينبي بالعالم السوري.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد