ملحمة جلجامش هي أول قصة في تاريخ الأدب الإنساني، دُونت في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد باللغة الأكادية وبالأسلوب الشعري الملحمي، فسبقت بواكير الأدب اليوناني وملاحم هوميروس بأكثر من ألف عام، بطلها الرئيسي الملك جلجامش الذي حكم مدينة أوروك السومرية وهي من أوائل المدن التي ظهرت في تاريخ التمدن الإنساني، أما موضوعها فيتركز حول الشرط الإنساني ومعنى الحياة ولغز الموت.
وقد شاع هذا النص قديماً في جميع أنحاء الشرق القديم، ويدلنا عليه العثور على كسرة لوح منه في موقع مدينة مجدو بفلسطين، وترجمة حثية له في بلاد الأناضول كما لقي هتماماً كبيراً في الثقافة الحديثة، فتُرجم إلى أكثر من 20 لغة، وكان موضوعاً لمؤلفات موسيقية ولعروض مسرحية ضخمة، وعروض الرقص التعبيري.
في هذا الكتاب، يقدم فراس السواح، الباحث المعروف في أدب الشرق القديم، خلاصة اهتمامه بهذه الملحمة لسنوات طوال، فيبدأ بعرض شامل وموجز لتاريخ ثقافة بلاد الرافدين، وينتقل بعد ذلك إلى عرض لتاريخ الملحمة وتطورها في الشكل والمضمون خلال ألف عام. وبعد أن يقدم لنا صياغته العربية للنص التي اعتمد فيها على عدة ترجمات إنكليزية واستأنس بترجمات عربية قليلة، ينتقل إلى عرض وجهة نظره في معاني الملحمة وما أرادت قوله عبر رسالتها لبني البشر، ثم يختم دراسته ببحث ممتع في أثر الملحمة في أدب الشرق القديم، والأدب اليوناني، وكتاب التوارة، والموروثات الشعبية العربية.
ويحتوي ملحق الكتاب على إعداد درامي للنص، قدم فيه المؤلف رؤية إخراجية متميزة تمزج بين التراجيديا الإغريقية والعرض المسرحي الحديث.