-
/ عربي / USD
"استهوتني الكتابة واقفاً، على الأقل لا تؤلم ذراعي، وضعية تجعل تدفُّق الأدرينالين فعّالاً، الآن فكرت لماذا كان همنغواي يكتبُ واقفاً، نظرت إلى صورته المعلَّقة على الحائط بلحيته المسترسلة كصّوفيّ. يا للطرافة! حتى آلته الكاتبة لها العلامة التجارية نفسها، هذه ليست صدفة، نظرت إلى ملصق بوكوفسكي وهو يعبُّ خمراً من القنينة وأمامه آلة كاتبة كان يرقن عليها نصّاً، تتذيل منها قصاصة، يا للعجب! هي أيضاً لها العلامة نفسها. أوووه! حتى ستيفان زفايغ، وغونتر غراس لهما ماركة الآلة نفسها، هل هي آلة خاصة بالعظماء؟ هل هذه مصادفة؟ هل في ذلك حكمة وسبيل ترسمه الأقدار؟.
يا للعجب! إنهم أيضاً يكتبون واقفين، ربما في الكتابة وقوفاً حكمة، فكرت في الكتّاب الذين كانوا يكتبون بماركة هذه الآلة نفسها، وفي المجانين الذين كانوا يكتبون واقفين، والذين كانوا لا يكتبون إلّا في عمق الثمالة والجنون".
تضعنا رواية وحي آلة كاتبة أمام تجربة دالّة عميقة صوغاً ومادةً، ذلك ان القاص والروائي يوسف كرماح اختار هندسة الرواية على التداخل بين مستويين روائيين: مستوى الحكي عن الكتابة ككتابة وعلاقة الذات بها، وكأن الموضوع الأثير يتمثل في تدوين سيرة للكتابة وفق رؤية الروائي لها في هذه التجربة النواة، ثم مستوى الرصد الواقعي الذي يجسد نقلةً وإيقاعاً تنويعياً يتأتى من خلاله التقاط تفاصيل يحبل بها الواقع في جرأة نادرة تعمل على تعرية الراهن في مختلف مستوياته، وأبعاده الإجتماعية والسياسية؛ والواقع أن هذا التداخل وسم الرواية بالتكامل الإبداعي القوي.
إنها تجربة جديرة بالقراءة والتداول، مثلما أنها الإيحاء البعيد المدى عن تجربة لها أن تضيف إلى مسار الرواية المغربية والعربية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد