-
/ عربي / USD
موضوع الكتاب هو كيف أن مفسري الوحي الإسلامي يفسرونه دائماً على أساس قبلياتهم وميولهم وتوقعاتهم من الكتاب والسنة. لذلك وضعنا له عنوان: "الهرمنيوطيقا: الكتاب والسنة". لا شأن لنا في هذا الكتاب بقضية أي المفسرين، أو أي الفقهاء، هو صاحب التفسير الصحيح والفتاوى الصائبة. فالحكم حول صحة أو خطأ محتوى التفاسير والفتاوى موضوع آخر، يتصل بعلم التفسير وعلم الفقه. موضوعنا في هذا الكتاب هو فقط دراسة كيفيات وآليات عملية "التفسير والاجتهاد الفقهي"، المتقدمة منطقياً على الحكم أو الفتوى.
ما زال السائد في أروقتنا العلمية الدينية هو أن بالإمكان، بل من الواجب، المبادرة إلى تفسير الكتاب والسنة بذهنية خالية من أي قبليات أو ميول. إن أنصار هذه الفكرة لا يعتبرونها ممكنة وحسب، بل واجبة أيضاً لأنها الشرط اللازم للحفاظ على نقاء المعنى وفحوى الكتاب والسنة. إلا أن هذه الفكرة تؤدي إلى غفلة تامة عن القبليات والميول، التي توجه عملية الفهم والإفتاء لدى كل مفسر أو فقيه، فيغلب على الأذهان الظن بأن التفسير والاجتهاد لا يقومان على غير المباني والمباحث الخاصة بعلم اللغة وعلم الأصول، أما سائر العلوم والمعارف البشرية فلا تلعب دوراً في صناعة تلك الفتاوى الدينية. من شأن هذا التصور الخاطئ إخفاء السبب الرئيس في اختلاف الآراء والفتاوى، الذي هو طبعاً تباين القبليات والميول.
حينما يقيّمون نظرية فقيه أو فتواه، يقتصرون على نقد مبانيه الأصولية وطريقة استدلاله، ولا يتطرق أحد لتلك المباني الفلسفية والكلامية والأنثروبولوجية والسوسيولوجية والسايكولوجية... التي تشكل القبليات الأولى والميول التي يحملها المفسر والفقيه في تعاطيه مع الكتاب والسنة وتوجه عملية الاستنباط لديه، ولا تخضع كل هذه العناصر المؤثرة لأي نقاش أو نقض.
محاولتنا في هذا الكتاب هي قطع خطوة في طريق التحرر من هذه الغفلة الضارة، التي تسببت في الكثير من الخسائر العلمية والعملية التي تكبدها المسلمون في حياتهم. فمن دون هذه المراجعة لا سبيل لخروج العالم الإسلامي من مشكلاته النظرية والعلمية التي طرحتها عليه الحضارة المعاصرة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد