يدرسُ هذا الكتاب ستةً وعشرين كاتباً، من منظور لا يخلو، بالضرورة، من النوستالجيا، إذ أسعى من خلاله إلى فرز تلك الخصائص التي جعلت هؤلاء المؤلّفين يُصنَّفون داخل التقليد، ويُنظر إليهم كمِرجعية في ثقافتنا.لقد درجت العادةُ على النظر إلى "القيمة الجمالية" بصفتها مقترحاً ابتدعه...
يدرسُ هذا الكتاب ستةً وعشرين كاتباً، من منظور لا يخلو، بالضرورة، من النوستالجيا، إذ أسعى من خلاله إلى فرز تلك الخصائص التي جعلت هؤلاء المؤلّفين يُصنَّفون داخل التقليد، ويُنظر إليهم كمِرجعية في ثقافتنا. لقد درجت العادةُ على النظر إلى "القيمة الجمالية" بصفتها مقترحاً ابتدعه إيمانويل كانط، وليست واقعاً قائماً بذاته، ولكنّ تجربتي، عبر حياة مديدة من القراءة لم تكن حقاً كذلك. لقد تداعت الأشياء، على أية حال، ولم يستطع المركزُ الصمودَ، وها هي الفوضى تدبّ، كأنّها على وشكِ الإنفلات من عقالها، وإكتساح ما يُسمّى "العالم المتعلّم" لَا تغريني كَثيراً الحروب الثقافيةَ الزائفة، وما أريدُ قوله عن البذاءة الرّاهنة، سوف أحصره في الفصلين الأوّل والأخير. وأريدُ هنا أن أشرح المعمار التنظيمي لهذا الكتاب، وأوضّح أسبابَ اختياري لستّة وعشرين كاتباً، من بين مئات المؤلّفين، الذين صُنّفوا في الماضي على أنهم يمثّلون التقليد الغربي. إنّ التقاليد الأدبية، التي تنفي التمييز بين المعرفة والرأي، والتي هي بمثابة أدوات بقاء شُيّدت لكي تقاوم الزّمن، تكون بالطبع قابلة للتفكيك، إذا كان الناس يظنون أنه لا حاجة إلى أشياء كهذه، فإنهم سيجدون السُّبل الكفيلة لهدمها، ولا يمكن أن تتولّى الدفاع عنها قوّة مؤسسية مركزية، ولن تكون، بعد الآن، إلزامية، بالرّغم من صعوبة تصوّر كيف يمكن للعملية العادية، التي تنظّم عمل مؤسسات متعلّمة، أن تستمرّ من دونها.