في قصصه القصيرة ينجح حيدر عبد المحسن بإقامة معمار كل منها على المشهد الواحد، لكن هذا المشهد غني بالآلات الموسيقية التي تظل تتناوب على تلوين لحنه ذي المقام الواحد، مثلما هو الحال عند الإستماع إلى قطعة جاز موسيقية.التناوب الذي يجري هنا بين الرصد المستمر للعالم المادي المحيط...
في قصصه القصيرة ينجح حيدر عبد المحسن بإقامة معمار كل منها على المشهد الواحد، لكن هذا المشهد غني بالآلات الموسيقية التي تظل تتناوب على تلوين لحنه ذي المقام الواحد، مثلما هو الحال عند الإستماع إلى قطعة جاز موسيقية.
التناوب الذي يجري هنا بين الرصد المستمر للعالم المادي المحيط بالأفراد بتفاصيله الدقيقة من ألوان وأشكال، وبروائحه وأصواته المختلفة، وبالرصد المتواصل للعالم الداخلي للبطل عبر المونولوج المتفاعل مع تفاصيل العالم الخارجي، فكأننا نسير فوق سجادة محاكة بطريقة بارعة، قصص "نهار بطيء" تحتفل بالحياة: بالكشف الممتع عن خبايا لحظاتها بين الضوء والعتمة، بين الغيوم والرعد والبرق والنباتات والحيوانات وغيرها، وتحقيق ذلك في ظروف العراق الحالية مهمة شاقة ومعقدة.
حيدر عبد المحسن في هذه المجموعة يترك بصمة متميزة لهذا الفن الصعب، يشبه الناقد الفرنسي ميشيل بوتور القصة القصيرة بالغرفة التي تتطلب أعلى درجات الترتيب والتوازن مقارنة بالرواية التي يشبّهها بالبيت القابل لتوزيع الأشياء على غرفه الكثيرة وإخفاء الزوائد بينها.
وفي قصص هذه المجموعة يتحقق هذا الشرط بشكل متقن وأنيق.
لؤي عبد الإله