يعرف كل من مارس فن الرواية، أن الواقع كله ينعكس في الرواية بكل تجلياته وتعقيداته والرواية في تعاطيها معه، إنما تسعى غالباً إلى تغييره، من خلال نقده وتعريته وتفكيكه، وبذلك تمارس الكتابة فعلاً تغييراً، ولكن ماذا يقول الكتّاب أنفسهم عن هذا الفن الرفيع. والجواب يأتي في كتاب...
يعرف كل من مارس فن الرواية، أن الواقع كله ينعكس في الرواية بكل تجلياته وتعقيداته والرواية في تعاطيها معه، إنما تسعى غالباً إلى تغييره، من خلال نقده وتعريته وتفكيكه، وبذلك تمارس الكتابة فعلاً تغييراً، ولكن ماذا يقول الكتّاب أنفسهم عن هذا الفن الرفيع. والجواب يأتي في كتاب "متعة المتخيل" الذي نقله لنا الدكتور نايف الياسين / أستاذ الأدب في جامعة دمشق – قسم اللغة الإنكليزية. يقول الدكتور الياسين: "لكوني مدرساً لمقرر الرواية في القرن التاسع عشر، فقد ذكر عنه كثيرون من النقاد بأنه العصر الذهبي للرواية، ربما لأنه كتبت فيه الروائع ليس في بريطانيا وحدها بل في أكثر البلدان التي اعتنقت الرواية في القرن الثامن عشر ميلادي وبالتالي حاولت أن أنقل فكر الكتّاب العالميين بحوارات جرت معهم، بغية التعرّف على مل كاتب بلمحة عامة عنه بشكل سريع مع أزمنة الأعمال التي قدمها كل منهم مع الإشارة إلى الإعلاميين المميزين الذين حاوروا هؤلاء الكتّاب وغاصوا في أعماقهم الأدبية والفكرية". وعليه، فإن كتاب "متعة المتخيل" جمع حوارات وتجارب كتّاب عالميين وأسلوبهم في السرد والتقنيات وكيفية اختيار كل كاتب لموضوعه ورؤيته الإبداعية وهواجسه وحتى طريقة عيشه، كما ضم الكتاب تفصيلات كثيرة تشرح شخصيات أبطالهم الروائية، وإضاءات على المتخيل والشكل والأفكار التي عبّر عنها كل كاتب في عصره وتجاوزه بفلسفته الخاصة التي ميزته وجعلت منه كاتباً مشهوراً؛ فقدم لنا الكتاب اثنا عشر مبدعاً هم: إرنست همنغواي، جون ستاينبك، توني موريسون، غابرييل غارسيا، ماريو فارغاس يوسا، غونتر غراس، وليم فوكز، فلاديمير نابوكوف، مايا آنجيلو ، أوكتافيو باز ، ألان روب – غرييه، وميلان كونديرا. كما أورد المترجم مقتطفات من رسائل كتبها جون ستاينبك عوضاً عن الحوار، ومقالات نقدية وغيرها، على أن ما يميز الكتاب عن سواه هو أن مادته ليست متسلسلة في المضمون، لذلك يستطيع القارىء الدخول إليه من حيث يشاء. ويختار الكاتب الذي يحب ذلك أن كل مقابلة تقدم مادة حوارية نقدية مستقلة عن الأخرى، وتتعلق بروائي ورواية معينة، وقد أحسن صنعاً مترجم الكتاب أن قطف لنا أجمل أزهار القرن التاسع عشر، وقدمها لنا مادة معرفية وإبداعية تفيد كل مهتم بفن الرواية، وكل ناقد وكل قارىء يريد الدخول إلى هذا الحقل على كثرة أشواكه.