يقول الكاتب: إن زائر اليابان في أواخر القرن العشرين يفاجأ بأن العملة الورقية، من ذات الألف ين، تحمل صورة الروائي (سوسكي)، وربما خامرنا شيء من الإستغراب، حين نعلم أن سلفه على هذه العملة كان الأمير (إتو هيروبومي) كيف حلت صورة كاتب روائي محل صورة أمير من سلالة إمبراطورية،...
يقول الكاتب: إن زائر اليابان في أواخر القرن العشرين يفاجأ بأن العملة الورقية، من ذات الألف ين، تحمل صورة الروائي (سوسكي)، وربما خامرنا شيء من الإستغراب، حين نعلم أن سلفه على هذه العملة كان الأمير (إتو هيروبومي) كيف حلت صورة كاتب روائي محل صورة أمير من سلالة إمبراطورية، واستمرت عشرين سنة، ذلك هو السر في تلك القيمة الرمزية الكبرى التي يحملها الشعب الياباني لأبنائه من المبدعين الرواد.
ونرى هنا أن الرواية اليابانية الحديثة تتمتع بخصائص تميزها عن نظيرتها في الغرب، مثلما تتمتع الرواية في أميركا اللاتينية بمميزاتها الخاصة.
وهذه الخصائص هي التي تجعلها رواية يابانية، مكتوبة بلغة يابانية ومعبرة عن تجربة إنسانية يابانية، ومن هذه الزاوية، علينا أن تبعد عن أذهاننا النموذج الغربي للرواية، وتجربة القارئ هنا تستكمل تجربة الكاتب.
وميزة أخرى تتجلى في إلتقاط التشكيل وقدرة المبدع على التعبير بوفرة من الصور الحسية الملموسة، وفي تأمل كثير من الروايات اليابانية، نرى أنها تميل إلى الإيجاز والتكثيف ولا تصرح بكل شيء، بل تترك للقارئ أن يستخلص لنفسه أكثر مما يعطيه النص المكتوب.
إن الكاتب يرصد رغباته بدقة ويكبح تماديها فلا يسح لها بالإنفلات، ولا يعلن الحقيقة كاملة، وبذلك يزداد التأثير الشعري غموضاً وجمالاً وإمتاعاً، ولا ريب أن جمال الطبيعة اليابانية، رغم أنها مسكونة بالزلازل، تغري عاشقها بإستلهام ذلك الثراء الرائع في شتى تجلياته، وذلك يبدو واضحاً في معظم أعمال كاواباتا بإقتناصه مواقع الجمال وأسلوبه الشعري الرائع، كما نراه في "وسادة العشب" لسوسكي.