ألا تظنين، يا بيانكا ماريَّا، أنَّه ينبغي أن تكون سعيدةً تماثيلُ النَّوافير؟... هذه التي في جَمالِها السَّاكنِ والدَّائم تَشيعُ روحٌ مشرقة تتجدَّدُ بإستمرار، إنَّها تنعَمُ، في نفسِ الوقت، بالخُمولِ وبالسيولة.في الحدائق المُنعزِلة تحسبينها أحياناً منفيَّةً أو مُقصاة،...
ألا تظنين، يا بيانكا ماريَّا، أنَّه ينبغي أن تكون سعيدةً تماثيلُ النَّوافير؟... هذه التي في جَمالِها السَّاكنِ والدَّائم تَشيعُ روحٌ مشرقة تتجدَّدُ بإستمرار، إنَّها تنعَمُ، في نفسِ الوقت، بالخُمولِ وبالسيولة.
في الحدائق المُنعزِلة تحسبينها أحياناً منفيَّةً أو مُقصاة، لكنَّها ليست كذلك؛ فجوهرُها السَّيَّالُ لا ينقطعُ عن التَّواصلِ مع الجبال البعيدة - من حيث جاءتْ أوَّلَ مرَّةٍ وهي ما تزال نائمةً ومُوصَدة في كتلتِها المعدنيَّة التي بلا شكلٍ ولا صيغة.
إنها تُصغي مشدوهةً إلى الكلمات التي تصعدُ إلى أفواهها من أعماق الأرض، وليست بصمَّاءَ عن مُسامراتِ الشعراء والفلاسفة المُنشدين راحةً في ذلك الملجأ، بين الظِّلال الموسيقيَّة حيث يؤبِّدُ المرمرُ لفتةً ساكنة، ألا تبدو لكِ سعيدةً؟ حبَّذا لو كنتُ تمثالَ نافورةٍ مثلها، بما أنَّ لي معها صفةً مشتركة: العمى.