هذا الكتابُ ثمرةُ حوار امتدٌ على مدى أربعين سنةً مع مولانا، حوارٌ شخصيّ جداً، ليكن هذا مؤكّداً - ومن هنا سيمثُل الرّوميُّ ليس بوصفه الشِّيخَ الصّوفيّ الذي تحمل أشعاره طابعَ تأمّلات الافلاطونية الجديدة، بل بوصفه كائناً بشرياً شديد الحساسيّة؛ إنساناً بأسمى معنى لهذه...
هذا الكتابُ ثمرةُ حوار امتدٌ على مدى أربعين سنةً مع مولانا، حوارٌ شخصيّ جداً، ليكن هذا مؤكّداً - ومن هنا سيمثُل الرّوميُّ ليس بوصفه الشِّيخَ الصّوفيّ الذي تحمل أشعاره طابعَ تأمّلات الافلاطونية الجديدة، بل بوصفه كائناً بشرياً شديد الحساسيّة؛ إنساناً بأسمى معنى لهذه الكلمة، ضارباً جذوره بعمُقٍ في تربة القرآن الكريم والتصوّف الإسلاميّ الأصيل. وإن ضياء الشمس الحقيقية الإلهيّة، بجمالها وجلالها، جلّى نفسهَ له من خلالٍ شخص شمس الدين التبريزيّ، وإذ حولِّه هذا الضِّياءُ وأنضجته هذه النارُ أبصر الرّوميُّ العالَمَ بضوء جديد: أينما ولّى وجهَهُ تملّى آثارَ عظمة الله تعالى ولطفه، مُصْغياً إلى تسابيح المخلوقات طُراً؛ وقد ذكّر مريديه في أشعارٍ لا يمكن نسيانُها بأنّ الحياة الصحيحة غيرُ ممكنةٍ إلاّ بالإستسلام للعِشْق.