شكلت الفتوحات الإسلامية المبكرة لبلاد الشام والعراق والجزيرة الفراتية ومصر الحدث العالمي الأبرز خلال القرن السابع الميلادي والأول الهجري، وشغلت أخبار الفتوح المؤرخين والإخباريين العرب والمسلمين، وشكلت مادة رئيسة للعديد من المؤلفات، التي وضعت حول هذا الموضوع عنواناً...
شكلت الفتوحات الإسلامية المبكرة لبلاد الشام والعراق والجزيرة الفراتية ومصر الحدث العالمي الأبرز خلال القرن السابع الميلادي والأول الهجري، وشغلت أخبار الفتوح المؤرخين والإخباريين العرب والمسلمين، وشكلت مادة رئيسة للعديد من المؤلفات، التي وضعت حول هذا الموضوع عنواناً لها، كــ "فتوح البلدان" للبلاذري، و"فتوح الشام" للواقدي، و"تاريخ فتوح الشام" للأزدي، و"فتوح مصر" لأبي القاسم القرشي. غير أن هذه المؤلفات في معظمها عانت من مشكلة أساسية، وهي إعتمادها على روايات شفهية متعددة، تم تدوينها بعد أكثر من قرنين من وقوعها، وهو ما خلق بعض الإضطراب في تسلسل بعض الأحداث. يتناول هذا الكتاب بالتحليل العميق المصادر السريانية التي تناولت أخبار الفتوح الإسلامية، كعنصر أساس في هذه الدراسات، لا بد منه لكي تكتمل الصورة وتحاط بمختلف أبعادها وزواياها، خصوصاً وأن السريان كانوا شهوداً عياناً على هذه الأحداث، ووثقوها في كتب التاريخ التي كانوا يضعونها ويتوارثونها كابراً عن كابر، وقد غابت المصادر التاريخية السريانية طويلاً عن قراء العربية، واحتكرها العارفون باللغة أو المستشرقون الذين بدأوا بترجمة التراث التاريخي السرياني بشكل مكثف في القرن التاسع عشر.