شارك هذا الكتاب
صورة أندريا
الكاتب: سعدي يوسف
(0.00)
الوصف
كلما طعن الشاعر بالسن أزهرت طفولته، وأغرقت تجربته بالعفوية والذاكرة، وباتت أحلامه شبه محققة ولو في القصيدة، هذا القول لكل شيء تحسباً للرحيل المفاجئ يجعلنا ندرك إلى أي درجة يمكن للشاعر أن يستجدي دقائقه المحتلمة في نهايتها، من هنا تبدأ فاتحة مجموعة (صورة أندريا) الجديدة...
كلما طعن الشاعر بالسن أزهرت طفولته، وأغرقت تجربته بالعفوية والذاكرة، وباتت أحلامه شبه محققة ولو في القصيدة، هذا القول لكل شيء تحسباً للرحيل المفاجئ يجعلنا ندرك إلى أي درجة يمكن للشاعر أن يستجدي دقائقه المحتلمة في نهايتها، من هنا تبدأ فاتحة مجموعة (صورة أندريا) الجديدة للشاعر العراقي سعدي يوسف (دار التكوين2011- دمشق) التي تأخذ شكل الندم والاشتياق الفطري، حيث يذهب العقل عن رشده ويبحث عن المستحيل ولو عبر الوهم، هذه الخيالات التي ألهمت الشاعر مجموعة من النصوص الموجهة كرسالة أو استذكار عاطفي لحبيبة قديمة تدعى (أندريا) ما هي إلا تجريب فني ومكاشفة ذاتية يقف أمامها الشاعر منتظراً أن تفتح له أبواب الماضي وتبتلعه بسعادته القديمة دون أن تسأل لماذا يكتبه شعراً ويختفي في كواليس كلماته دون أن يواجهها بمرارة ما حدث، لعلها أحجية الفراغ التي تسيطر على الإنسان في أوقاته الحرجة، فكيف إذا كان الشاعر هو الضحية اللئيمة لهذه الأحاسيس المهزومة؟ يجمع سعدي يوسف زوادته من الذكريات ويتجه إلى الأرض البكر في قلبه باحثاً عن صور وأصوات وأمكنة سجلت له مع أندريا أجمل اللحظات وآخر اللقاءات، هو يستذكر ويعاقب نفسه كأنه يقدم في القصائد رشوة مهذبة لمن رحلت منذ أكثر من عشر سنوات، رحلت نحو حياة جديدة ويوميات دون (الشيوعي الأخير) الذي لا يتوقف عن التمسك بأصغر التفاصيل ليحيك منها صورة شعرية من رائحة أندريا أو ليضم خيالاً من حنان كانت قد سكبته له في روحه وهجرت، يعود سعدي إذا حائراً كالأطفال الضائعين ليبحث عن بوصلة خلاصه ولو كانت النهاية مجرد سراب، يخاطب نفسه ثم يغرق: (لماذا أبدأ الأشياء، دوماً من نهايتها؟/ كان الحلم يأبى أن يدوم ولو بذاكرةٍ مهلهلةٍ/ كأن الحلم يجلدني، / ليأخذني وكأنني أتلو، على قبري الذي عمقته بيدي، صلاتي.. / ستظل أندريا، البعيدة/ بل ستظل تنأى مثل ما ينأى السراب!). قصائد أندريا التي من وحيها ومن تصرفاتها ولدت أجواء المجموعة، تكشف مدى تأثر الشاعر بغيابها، هذا الشغف الشديد بتلك الذاكرة يضع مقدرة الشاعر باستحضار أدق التفاصيل التي تنتمي لحبه المهجور، محاولاً التملص من انكساره الذي أصابه قبل فترة قصيرة حين تركته إحداهن وتدعى جوان لتختار فارساً عربياً آخر غيره، وكالرضيع التائه يرجع سعدي يوسف إلى دليلته ليتقدم بطلب عفوٍ منها عن كل شيء حدث بينهما طوال انشغاله بقلب امرأة سواها، في حين يحاول النص أن يترجم قلق الشعر سرديته المفرطة نجد الصوت الخافت للصراخ يتسرب من زوايا القصيدة: (عند سريرٍ ضيق/ سترى، في بغتةٍ، سر أندريا/ وقد نطقا!/ وكأن متن الفراشِ البحرُ/ قد نهدَت أمواجُهُ لتكون العطر والعرقا) هو الشوق إذاً، حتى لو كانت حكمة الخاسر مجتمعة في كل خطوة يكتب فيها شعره، تظل أمنيته الأخيرة أن يكون ذاته الحقيقية، ذات الشاعر الطفل، الذي لا يكف عن طمأنة نفسه والآخرين أنه سيعود رابحاً قلب أندريا من خلال الشعر: (نهاري نهار الناس/ حتى إذا دجا بي الليل/ هزتني إليك المضاجعُ). ربما ربح سعدي يوسف يقينه بالقصيدة أكثر من حلمه الضائع أندريا، وهنا يثبت المقولة الشهيرة (لا تشعر بالشيء حتى تفقده) وماذا لو كان هذا الشيء امرأة، كائناً حياً، له تاريخ وذكريات وأشياء، أظن أن فاتورة العودة ستكون باهظة حتى لو كانت في تجلي الحنين هي قسوة من طراز رفيع، هي قسوة الخاسر الكبير، شاعر أندريا الذي بقي وحيداً أمام القصيدة والقارئ يدندن حقائبه ليرحل عن حلمه مكسور الشعر وفائق الوجع..
التفاصيل

 

سنة النشر: 2011
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 111
عدد الأجزاء: 1
الغلاف: Paperback
الحجم: 14x21

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون 7-10 أيام عمل

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين