قبل مدة طويلة من إرسال أوروبا حملاتها العسكرية إلى وطننا العربي، كانت قد مهدت لهذه الحملات بإرساليات تبشيرية، وذلك لإيمانها العميق بالدور الكبير الذي يلعبه العامل الروحي الثقافي في تجذير إستراتيجية التغريب.فسلاح الكلمة يظل عبر نشاطه أعظم فتكاً من أي سلاح آخر، على إعتبار...
قبل مدة طويلة من إرسال أوروبا حملاتها العسكرية إلى وطننا العربي، كانت قد مهدت لهذه الحملات بإرساليات تبشيرية، وذلك لإيمانها العميق بالدور الكبير الذي يلعبه العامل الروحي الثقافي في تجذير إستراتيجية التغريب. فسلاح الكلمة يظل عبر نشاطه أعظم فتكاً من أي سلاح آخر، على إعتبار أن الكلمة تمارس فتكها وتدميرها لجوهر الإنسان...لروحه، حيث تقوم باغتصاب الروح من الداخل ببطء لتضمن اغتصابها باستمرار، وتحقق حالة استلابها وخيانتها لتاريخها بالذات… "..لقد أثبتت التجربة الإستعمارية أن الذي يضمن السيطرة على الشعوب هو التخريب الروحي والقيمي لهذه الشعوب، أو ما يسمى حرب المعنويات في شقيها الثقافي والاجتماعي، كحرب اللغة، والتعليم، والفن، والأدب، والذوق، والعادات، والتقاليد، والأزياء، والطقوس، ومكانة المرأة...إلخ"، فعلى الأمة المستعمرة الضعيفة أن تواجه دائماً محاولات تخريبها الحضاري وتنسيقها تاريخها وذاكرتها، ومحاولات فرض تاريخ وذاكرة الشعوب أو الأمم التي غزتها، وهذا ما أراده الغرب من التبشير، وكل ما رافقه من نشاطات فكرية وثقافية في وطننا العربي منذ أن فكر في غزونا حتى تاريخه.