يهدف هذا الكتاب إلى محاولة فهم وتحليل المنظومة الفكرية السائدة في عصر النهضة العربية، والعوامل التي أسهمت في تشكيل وتكوين بنية تلك المنظومة على النحو الذي ظهرت عليه، وبخاصة لدى الجيل الثاني من المفكرين النهضويين في المشرق العربي، بغية الوقوف على الإشكالية الأساسية التي...

يهدف هذا الكتاب إلى محاولة فهم وتحليل المنظومة الفكرية السائدة في عصر النهضة العربية، والعوامل التي أسهمت في تشكيل وتكوين بنية تلك المنظومة على النحو الذي ظهرت عليه، وبخاصة لدى الجيل الثاني من المفكرين النهضويين في المشرق العربي، بغية الوقوف على الإشكالية الأساسية التي حكمت السيرورة الفكرية لأولئك المفكرين، والحامل الاجتماعي لذلك الفكر. مع محاولة لاستشراف الآفاق التي يمكن لذلك الفكر أن يفتحها حاضراً ومستقبلاً.
وقد اخترنا نموذجاً لهذا البحث، المفكر عبد الحميد الزهراوي (1871-1916). إن ما دفعنا إلى هذا الاختيار، هو أن معظم الدراسات التي تناولت الزهراوي قد أغفلت الجانب النظري لديه، بحيث بدا هذا الجانب وكأنه مجرد أفكار تظهر على هامش فعاليته السياسية أو العملية، وسنحاول في هذا البحث أن نتجاوز هذه المشكلة، من دون إغفال للدراسات السابقة، بل إننا سننطلق من حيث توقف الباحثون، الذي سبقونا، وذلك بعد قراءة ما كتبوه قراءة منهجية.
وسنبحث في الباب الأول من هذا البحث في الأوضاع الاقتصادية-الاجتماعية والسياسية التي أنتج الفكر النهضوي العربي في شروطها، مع وقفة على المسألة الفكرية، في إجمالها وعمومها، لدى المفكرين النهضويين العرب. ثم نقدم قراءة لحياة الزهراوي وأعماله ومسوغات دراسته.
أما الباب الثاني فسيكون مخصصاً للمسألة الفكرية وتجلياتها السياسية لدى الزهراوي، ونبحث في الفصل الأول منه في الجانب الفكري لديه، النص الديني، واحتمالات الإنتاج الفلسفي، ثم المصادر الفكرية الأولى للزهراوي.
أما الفصل الثاني فسيبحث في الجانب السياسي لدى الزهراوي، وفيه نحاول أن نكتشف مرتكزات مواقف الزهراوي السياسية، وبخاصة موقفه من السلطة، ومن بعض القضايا التي أثيرت في عصره، مثل الخلافة الإسلامية، والجامعة الإسلامية، ثم نقف على موقفه من القومية العربية والدولة العثمانية وأوروبا.
أما الفصل الأخير من هذا البحث، فهو عوض عن خاتمة، محاول فيه أن نقف على بعض الأفكار التي يمكن أن يطرحها الزهراوي مفكراً في واقعنا المعاصر. محاولين قراءة هذه الأفكار في ضوء حاجتنا إليها في راهنا المعيوش.