احتل أبو بكر الخوارزمي مكانة عالية في التراث العربي، منذ أن نبغ، فسما على معاصريه، وفتح للعلم أبواباً، ولم يكن إعجابهم بالخوارزمي شخصه وعلمه، ليقف عند جانب واحد، ولكنه تعدى ذلك إلى جوانب مختلفة، فقد ترسم عدد من الأدباء خطاه في أساليبه وطرائقه النثرية، وتناوله للموضوعات،...

احتل أبو بكر الخوارزمي مكانة عالية في التراث العربي، منذ أن نبغ، فسما على معاصريه، وفتح للعلم أبواباً، ولم يكن إعجابهم بالخوارزمي شخصه وعلمه، ليقف عند جانب واحد، ولكنه تعدى ذلك إلى جوانب مختلفة، فقد ترسم عدد من الأدباء خطاه في أساليبه وطرائقه النثرية، وتناوله للموضوعات، وصار من المألوف أن يبدي الأدباء إعجابهم به بصراحة، أو أن نجد الدارسين يقارنون بينه وبين أدباء عصره ومفكريه من جهات متعددة.
وتعد رسائل الخوارزمي، من الرسائل الجيدة والمتقدمة أسلوبياً عن باقي الرسائل الأخرى، لأن مقصد الكتاب كان يعتمد على الأسلوب الفني للترسل، الذي بدأ يؤتي أكله على يد الخوارزمي، حيث اتبع الخطوات السليمة في ذكر وسرد الرسالة بعيداً عن المبالغات والمغالطات والغلو والبعد الأدبي وهذه الرسائل تتفاوت بطولها وقصرها من رسالة لأخرى، حسب الشخص المرسل إليه وأهميته.
ورغبة الخوارزمي في تقسيم رسائله على هذا الوجه وتحديد أفكاره وتوكيدها وترتيبها، جعل لأسلوبه اللفظي ميزات خاصة به، أشهرها: انقسامه إلى مطعات تختص كل واحدة منها بعرض ناحية من موضوع الرسالة، وانقسام كل قطعة إلى فقرات تعبر كل واحدة منها عن فكرة واضحة معينة. ميله إلى ترتيب الأفكار وتماسك الفقرات بالفظ والمعنى، حيث حرص إلى إبراز الفكرة وتوضيحها إلى الترادف في الألفاظ والجمل. التبسيط في الكلام على الشيء واستيفاء أقسامه، وذكر مختلف وجوهه. كان يستفيد من الترادف فائدة أخرى غير إبانة المعنى والإحاطة بأقسامه وتثبيته، بل يتخذه سبيلاً على تجميل بناء جمله، وتحسين مواقعها وتقوية موسيقاها. كان ينتقي الألفاظ ذات الطابع الشعري البعيد عن تنافر الحروف والغرابة.
والمطلع على هذه الرسائل، يرى أن الخوارزمي كان على إطلاع واسع بعلوم أهل زمانه من أدب وشعر وأيام وغزوات وفقه وله باع طويل في معرفته بالفرق الإسلامية، وحوادث التاريخ ووقائعها.