ظل هذا المخطوط الفريد الذي يضم زبدة الفكر الإسماعيلي قروناً طويلة مهملاً في طوايا النسيان، إلى أن قام بتحقيقه وتصحيحه ونشره المستشرق الألماني "ر.شتروطمان" عن النسخة الأصلية في مكتبة امبروسيانة-ميلانو.ويضم المخطوط أربع رسائل كتبت خلال الفترة التي بلغت فيها الخلافة الفاطمية...

ظل هذا المخطوط الفريد الذي يضم زبدة الفكر الإسماعيلي قروناً طويلة مهملاً في طوايا النسيان، إلى أن قام بتحقيقه وتصحيحه ونشره المستشرق الألماني "ر.شتروطمان" عن النسخة الأصلية في مكتبة امبروسيانة-ميلانو.
ويضم المخطوط أربع رسائل كتبت خلال الفترة التي بلغت فيها الخلافة الفاطمية ذروة قوتها. اثنتان من هذه الرسائل لمؤلف مجهول عنوان أولها: "مسائل في الحقائق وجواباتها" وعنوان الثانية: "رسالة الاسم الأعظم". واثنتان من ـأليف الداعية الشيعي الإسماعيلي علي بن محمد بن الوليد، عنوان الأولى "تحفة المرتاد وغصة الأضداد"، وعنوان الثانية: "رسالة الإيضاح والتبيين في كيفية تسلسل الجسم والدين".
جاءت معظم الرسائل على صورة جوابات من المؤلفين على أسئلة أحد المريدين حول م سائل عديدة أهمها مسألة الإمامة منذ عهد آدم وحتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومراتبها وأقوال الأئمة وأفعالهم، وعلى رأسهم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وهناك مسائل أخرى حول العالم الروحاني والأكوار والأدوار، وفضل بعض الأشهر والأيام وإبليس والجنة وغيرها الكثير.
كما تبسط الرسائل نظرية التأويل عند الشيعة وتطبق هذه النظرية على كثير من الآيات القرآنية بحيث تصبح الكواكب والنجوم والنور والنار والشمس والقمر مثلما وردت في الآيات رموزاً لأئمة الشيعة، بدءاً بالوصي علي بن أبي طالب عليه السلام، وحتى الإمام المستور محمد بن إسماعيل بن جعفر عليه السلام، وقد استخدمت الرسائل الكتابة السرية الشائعة في تلك الحقبة في كثير من المواضع لترمز بها إلى أسماء الأئمة أو أسماء الأضداد "أعداء الأئمة" أو للتستر على بعض الآراء والأفكار، وفي نهاية معظم الرسائل يوصي المؤلف مريده السائل أن يصون أسرار هذه الرسائل من أعين الخصوم والوشاة، ويأخذ عليه عهداً بذلك.
استند مؤلفوا الرسائل إلى بعض النظريات الفلسفية الشائعة آنذاك كنظرية الفيض ونظرية العقول وتسلسلها، والأكوار والأفلاك... الخ وعكسوا ثقافة عصرهم بأسلوب أدبي فلسفي رفيع للغاية يأسر لب القارئ ويعيده إلى تلك الحقبة الغنية بثقافاتها، وسجلاتها وصراعاتها، ويطلعه على صورة أمينة وافية على فكر الشيعة الإسماعيلية.