-
/ عربي / USD
"قالت الأرض في جذوري" آبادُ حنين، وكل نبضي سؤال، بي جوعٌ إلى الجمال، ومن صدريَ كان الهوى، وكان الجمال... ماليَ اليوم أستفيق، فلا حقلي نضير، ولا تلالي زواهِرْ... لا النواطير يسمرون مع النجم ولا الضوء رائع في المحاجر، أنا كنز مخبأ، أين أبنائي فكلّ صوتٌ، وكلي حناجر ربما أنهكتهم ضربةُ عمياء فاستسلموا لها واستلانوا ربما ألبسوا ثياباً سرت بها أكفّ الأوثانِ، والأوثان ربما... ربما، كأن الحروف السود صُمّت في وقعها الآذان فكأنْ لم أطع على الأرض ميلاداً ويخلق من صدريَ الإنسان... قم مع الشمس يا شبابي، وحرك عالماً غافي البصيرة، جامد، أنت علمته الحياة قديماً، ويبقى له دليلاً ورائد... أنا سويت من عروق أبنائي وربيتهم ذرىً وجبالاً يتسامون، فالطموح مدى جدب، ويحيون في الزمان مثالاً.
أنا سويت من عروقي أطفالي وسويت منهم الأطفالا... أي خلقِ كالسرّ، كالحلم، كالفتح يفضّى البعيد والمجهولا... جُمّع الكل فيه، فالخلق مضفور على كبريائه اكليلا... حملت فجره بلادي أبناء حياة غلاّبةٍ وشباب قُلْ لمن يحضن السراب ويلهو بفراغٍ مطرزٍ بالسراب أشرقاً العالم الجديد، وماتتْ خلفه، جاهلية الأحقاب.
يئس الشعب من فعالية اليأس ففيه لليأس باب عتيقُ، يتمشى في صده قلقٌ جمرٌ وصوتٌ مجرّحٌ مخنوق جُنّ فيه السؤال، أين غدٌ يخلق ما شاءه، وأين الطريق؟ كلما هم أن يثور على القيد تولاّه خائن أو عقوقُ؛ ربَّ صبحٍ آفاق فيه فغفّى خائنيه، أباءهُ المستفيق، لا نواعيره تدور، وإن دارت فبالبؤس والشقاء تدور، بيدرٌ يسأل الحصاد عن القمح وحقل يذوي وأرضٌ تبور، وعلى أنّةِ العذاب وآه اليتم، تعلو مرابعٌ وقصورٌ وتشرئب الذرى على ضجة الويل وتشكو إلى الصخور الصخور"...
صرخة... استغاثة أرض... تطلقها عبر خطرات أدونيس الشاعر الإنسان المرتبط بأرضه بجذوره بتاريخ أمته... وتستمر الأرض في إنبعاثاتها... ويمضي الشاعر في إسترسالاته التي ما فتأت تفتح أبواباً موصدة... وتشرع نوافذ مغلقة على مساحات من الإنطلاق والتحرر والتحرير... تروم الإنسان والإنسان المكبل بأغلال الأسر والعبودية التي تقف حاجزاً دون عطاءاته.
وهكذا هو أدونيس في جميع قصائده منجذب إلى الحب... حب الأرض... حب الحرية... وحب الإنسان في جميع أحواله وأدواره... وفي جميع قصائده الأولى.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد