-
/ عربي / USD
في سوابع دار جدي كان مَبِيتٌ، وفوق المبيت المغطَّى كانت أسطح بتقسيماتٍ ثلاثة تعلو وتنخفض لاستمالة النسائم البحرية والجنوبية وكسر حدة شروقات مكّة. وفوق كان يتربع المبيت الصغير، عالٍ على الأسطح بروشنٍ وعلى الطريق بروشن. وظل المبيت لا خلوة لا يطأها إلا مريد طالب قربى، تُبْلَغُ بدرجاتٍ مخفية وراء الأسطح في عتم لا ينكشف حتى يجد الصاعد نفسه بين الرواشن التي لا يكسر حدتها ميل ولا انخفاض. ولم يُسمح في ذاك المبيت بملامح دنيوية، ولا حتى بحمّام، فكان لزاماً على المُعْتَكِفِ التطهر من السوافل، قبل الصعود، يغتسل في بيت خلاءٍ أسفل دركات في الفتحة المؤدية للأسطح.
على تلك الأسطح كانت أمي تغسلني. وكانت عملية الغسل تبدأ بفضة وتنتهي بقرمز، حيث ينصبون طشت الفضة الغشيمة وأنا عارية بقلب تحويمات الطشت، بينما أكواد الماء البارد تجري، تطرد السموم عن عريي.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد