هذا الكتاب... نظرات في فقه الإستطاعة... وجهد معرفي مكمل لما سبقه: "نبوة الرحمة.. والمُلك العضوض"، فيمكن اعتبارهما عملاً واحداً، ذلك أن ما تم عرضه من قيم ضابطة وموجّهة لمسيرة الإستطاعة يُعتبر من عطاء نبوة الرحمة في مواجهة طغيان الملك العضوض...

يتمحور الكتاب حول فكرة إمكانية تطبيق الإسلام من الحال التي عليها الفرد والمجتمع، ومن ثمّ الإرتقاء حسب تطور الإستطاعة، صعوداً وهبوطاً؛ فإذا طبق المسلم ما يستطع فقد قام بكل ما يجب عليه من التكاليف، ولو لم يستكمل جميع التكاليف.

كما يتناول الكتاب إشكالية التداخل في الفهم بين (النص) و(محل تنزيله) على الواقع، فالنص ثابت إلى يوم الدين، أمّا محل تنزيل النص (الإستطاعة) فهو منظور متحرك، وليس ثابتاً... فالخلط بين الأمرين خطير جداً؛ لأنه يعني محاصرة خلود النص، وتجميد حركة الحياة... والفقه الغائب يتمثل في كيفية تنزيل النص على محله.

يؤكد الكتاب أنه ما لم يتمّ إدراك واستدراك هذا الفقه الغائب، وكسر الحواجز، وفتح ثغرة في الجدار المسدود، وارتياد آفاق إضافية للفقه، الذي يقتضي اجتهاداً مستمراً في كيفية إعمال النص في الواقع، بحسب الظروف والإستطاعات، فسوف يستمر الجمود، وتتسع الفجوة، التي تفصل بين واقعنا وقيمنا.