-
/ عربي / USD
"قد تكون المرحلة التي عرفتها أوروبا ما بين الحربَين العالميَّتين ومرحلة ما بعد الحرب العالميَّة الثانية من أكثر المراحل دقَّة وديناميَّة لاسيّما على المستوى الفكري. إذ شهدت أوروبا ثلاثة تيَّارات فكريَّة كبيرة: الماركسيَّة، الوجوديَّة، والشخصانيَّة.
وفي حين كانت الماركسيَّة مدعومة من قوَّة عالميَّة كبرى متمثّلة بالاتّحاد السوفياتي، كانت الوجوديَّة، بشقّها الملحد، تتمتّع باستحواذها على شريحة كبيرة من الكتَّاب والفلاسفة والمفكريَّن والفنّانين من مثل جان بول سارتر، وسيمون دو بوفوار، وألبير كامو.
ووسط هيمنة هاتَين المدرستَين، أتت المدرسة الشخصانيَّة مع المفكّر الفرنسي الكاثوليكي إيمانويل مونييه كوعيٍ لفكرة أنَّ أوروبا على عتبة تغيُّر حضاريّ ضخم، عتبة تنتقل فيها أوروبا من مرحلة "المسيحيَّة القرن وسطوية" إلى مرحلةٍ تكون فيها المسيحيَّة هذا السيستام الملهم بحيث يسمح لإنسان القرن العشرين ببناء الحاضرة الأرضية بشكلٍ عقلاني من غير أنْ يفصل هذه الحاضرة تمامًا عن الروحانيَّات، وبحيث تصبح الروحانيَّات تلك المبادئ السامية الثوريَّة التي تلهم الأرضيَّات من دون أنْ تلتحم بالدولة وبالسياسة التحامًا مؤذيًا.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد