-
/ عربي / USD
نَدُرَ أن صنع صوتٌ وطناً وأرضاً، أو رسمهما كما يجب أن يكونا، مثلما فعلت ديفا لبنان والشرق: فيروز.
فيروز خلقت عالماً آخر، مختلفاً.
هي ملاذنا ما إن نفتح عيوننا على ما حولنا، على واقعٍ هو مرآة ذاك الكسوف الكبير داخلنا.
صوتها شعاعٌ من عالمٍ آخر، ينزل ليرتق شمسنا الممزّقة وبراقع الضوء.
صوتٌ من جاد بسط أمامنا مروج الجمال والجلال.
ومن الفيروز تفتّق بحر الأماني، وبريقه أوتار المدّ وأنغام الجَزْر.
يمٌّ ولدَتْه لؤلؤة، ربيعٌ بعثَتْه زهرة المارغريت، شمسُ صيفٍ صقلها ضوءٌ ماسّي، حفيفُ جناح.
فيروز ملء الحياة... صوتُها أرجوحة حنينٍ وذكريات.
هكذا تماهى عالم الشاعرة والكاتبة رانية مرعي مع العالم الفيروزي: تسربل الواقع بالحلم، كالبحر في هالة القمر.
شاعرة "بلا عنوان" وجدت عنوانها الدائم، وصندوق أسرارها، في ذاك العالم البهيّ.
ظنّت رانية، وهي طفلة، أنَّ فيروز تسكن في بيتها بمشغرة!.
من مكانٍ ما خلف الجدران، تدندن حكايات العائلة: تغنّي "أنا وشادي" لشقيقها شادي، تبحث معها عن جدّتها، وأغنيتُها "سِتّي يا سِتّي اشتقتلِّك يا سِتّي" تسابقُ حبوَ الحنين وخطى الياسمين.
وندفُ الثلج في بلدتها الوادعة، الغافية في أحضان ذاك السفح، هطلُ أضواء قمر مشغرة: "تلج تلج عم بتشتّي الدنيي تلج"، والنجمات السهرانة أحلامٌ وأمنيات.
وعندما كبرت الصبيّة، وجدت حبّها الأول عند "بيّاع الخواتم" على الجسر العتيق.
وآخر أيام صيف الحب "وصلت عَ ساحة ميس الرّيم وانقطعِتْ فيها العربِيِة".
ضاع الحذاء الزجاجي...
وبحثت الشاعرة عن وطنها الضائع في "بحبّك يا لبنان" وقطفت بيروتَها الجريحة من "زهرة المدائن".
عاشت رانية فيروز... أيامُها أغان وذكرياتُها رَجْعُ الألحان وأصداءُ الكلمات.
"ذكرياتي مع فيروز" هي ذكرياتنا جميعاً مع الديفا، مثلما كلود فرنسوا هو أحلام شقراوات السِّين وLa bohème شارل أزنافور عشقٌ هارب وآركاديا التحفت الضباب إلى الأبد.
فيروز هي زمن العمالقة... الكبار الكبار.
لذا نحن معها أطفالٌ أبديّون... أولاد ريح، فِتيان وفتيات الشمس.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد