-
/ عربي / USD
تسعى هذه المقابلات إلى قراءة تنويرية لمسيرة الطيب الإبداعية وسيرته الذاتية خصوصاً ما يتم من تقاطع بين شخص الطيب وشخوص رواياته وما يتعلق بموسم الهجرة إلى الشمال التي تحتل حيزاً واسعاً في هذه المقابات نظراً لما تفرزه من جدلية في تأويلها.
ويؤكد الطيب في مناسبات عدة أن رواياته مهما كان ارتباطها بالحياة التي عاشها في السودان أو في لندن ليست محاكاة لتجربته الشخصية بل هي في غالبها من إبداع الخيال الفني الذي يتخطى ظاهر الحدث إلى باطنه الذي يشكل بداية بوصلة القراءة.
هذا هو مصطفى سعيد مثلاً الذي أبدع الطيب في تصويره عندما جعل منه شخصية أسطورية تتحدى بعدي الزمان والمكان يظهر للقارئ في أحيان كثيرة على أنه السوداني الذي هاجر إلى الغرب ليثير قضية الإستعمار معاتباً أو منتقداً أو مشخصاً لتلك القضية الأزلية وكان مصطفى سعيد نفسه الطيب صالح الذي يروي القصة ويقدم أحداثها التاريخية ويعاين وقعها على أصحاب البقعة الجغرافية الذين رزحوا تحت نير الإستعمار.
يحاول الطيب صالح أن يبين لمقابليه أن مصطفى سعيد نتاج تداعيات الإستعمار؛ أي أنه في باطنه، غير ما هو في ظاهره؛ شخصية تولد أصلاً من رحم الإستعمار المربوء وهذا ما يفسر علاقة الصراع القاتل بين مصطفى سعيد وجين موريس الذي يقوم على وجود جرثومة تتنقل عدواها بين من حملها بداية (جين موريس) وبين من أصيب بعدواها لاحقاً (مصطفى سعيد).
ولمزيد من التوضيح نستذكر في هذا السياق ما يرد في مؤلف فانون المشهور المعذبون في الأرض عندما يجعل المواطن الجزائري يتخيل نفسه وقد اقتحم الحواجز واستطاع أن ينام في بيت المستوطن الفرنسي المغتصب الذي شيده على أرض اغتصب ملكيتها من المواطن الجزائري الذي ما زال يعيش بجواره حياة بؤس مدقع (أكد لي الطيب صالح تأثره بفانون).
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد