-
/ عربي / USD
لم يكن باعث اختيار رواية الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال" للدراسة هنا شهرتها، وإنما كان الباعث هو الرواية نفسها، بما فيها من روعة الشكل والمضمون، وما في نسيجها الروائي من روعة الإبداع، وما في لغتها السلسة الصافية من السحر الذي يأخذ القارئ مع الأحداث حتى النهاية من دون إذن، ليكشف له عن فن عجيب، ويحلق بخياله في عوالم لا يحدها فضاء، عوالم من الطبيعة والبشر والحياة بكل ألوانها وصورها وانعكاساتها الملهمة.
أما رواية "كانت السماء زرقاء" فإن الباعث لها هو ذلك السرد الروائي الذي يأخذك في حوار داخلي غير مألوف، ولغة دائرية تسير بك من النهاية حتى البداية، ومن المستقبل والحاضر الغائب حتى واجهات الماضي البعيد، وتضعك أمام منطق التداعي والمونولوج الداخلي، والمكان والزمان المتشتت الذي يذكرك بـ (مارسيل بروست) ورواية "البحث عن الزمن المفقود".
أما فيما يتعلق بالمسرح هنا، فلذلك حكاية طويلة، بدأت أحداثها بمشاهدة أعمال درامية يتناوب فيها مدربو الدولفين مع المشاهدين في عرض وحوار مسرحي جماهيري ممتع، يعيد إلى الذهن معالم تلك النظرية القديمة الحديثة، "نظرية المسرح الإغريقي العربي"، الذي يقوم في جوهره على إشراك الجمهور في العمل الدرامي، ويأخذك إلى مسرحية (القرافير) التي كتبها يوسف إدريس، ومسرحيات سعد الله ونوس، وما تحدث به كل من هذين الكاتبين عن ضرورة توثيق ارتباط المسرح بالجمهور، وإيجاد مسرح جديد بنبضات إغريقية وروح عربية أصيلة.
الأمر الذي آثار العديد من التساؤلات عن مدى فاعلية هذه النظرية، ومدى التناسب بينها وبين طبيعة الإنسان العربي في حياته الحاضرة بكل أطيافها، ثم ما هي التقنيات اللازمة لتحقيق التلاحم بين عناصر المسرح وأركانه وفقاً لهذه النظرية.
وإلى حد نجح كل من الكاتبين المذكورين في سعيه التجريبي أو ما هي جوانب الإلتقاء والإختلاف بينهما على المستوى النظري، هذه الأسئلة وأمثالها هي التي يتم السعي للإجابة عنها في هذا الكتاب.
من خلال تحليل النصوص التجريبية ودراستها في ضوء الطرح النظري لكل من الكاتبين المذكورين.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد