لما منّ الله الكريم بلطفه بالاطلاع عليه من أمراض القلوب وأدوائها، وما يعرض لها من وساوس الشياطين أعدائها، وما تثمر تلك الوساوس من الأعمال، وما يكتسب القلب بعدها من الأحوال. فإن العمل السيء مصدره عن فساد قصد القلب، ثم يعرض للقلب من فساد والعمل قسوة، فيزداد مرضاً على مرضه حتى يموت، ويبقى لا حياة فيه ولا نور له، وكل ذلك من انفعاله بوسوسة الشيطان، وركونه إلى عدوه الذي لا يفلح إلامن جاهده بالعصيان.
وقد قيّد الإمام ابن القيم الجوزية ذلك في هذا الكتاب الذي جاء ضمن جزءين ليستذكره معترفاً فيه لله بالفضل والإحسان، ولينتفع به من نظر فيه وسماه "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان". وقد رتّبه على ثلاثة عشر باباً جاءت مواضيعها على التوالي:
1-في انقسام القلوب إلى صحيح وسقيم وميت، 2-في ذكر حقيقة مرض القلب، 3-في انقسام أدوية أمراض القلب إلى طبيعية وشرعية، 4-في أن حياة القلب وإشراقه مادة كل خير فيه، وموته وظلمته مادة كل شر وفتنة فيه، 5-في أن حياة القلب وصحته لا تحصل إلا بأن يكون مدركاً للحق مريداً له مؤثراً له على غيره، 6-في أنه لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاخره وحده هو معبوده وغاية مطلوبه وأحب إليه من كل ما سواه، 7-في أن القرآن الكريم متضمن لأدوية القلب وعلاجه من جميع أمراضه، 8-في زكاة القلب، 9-في طهارة القلب من أدرانه وأنجاسه، 10-في علامات مرض القلب وصحته، 11-في علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه، 12-في علاج مرض القلب بالشيطان، 13-في مكايد الشيطان التي يكيد بها ابن آدم، وهو الباب الذي لأجله وضع الكتاب، وفيه فصول جمّة الفوائد حسنة المقاصد.