-
/ عربي / USD
يبدو الاهتمام الذي تحظى به الديمقراطية وحقوق الإنسان اليوم، بالرغم من دفع كلفة باهظة لا يمكن اجتنابها، واعدا ومبشرا بحدّ ذاته، ويبعث على الأمل. هذا من جهةٍ، ومن جهة أخرى، فإنّ التفاؤل المفرط في هذا السياق ليس أمراً صحيحاً، إذ، في مجتمع مثل المجتمع الإيراني، ليست هذه المقولات من ذلك النوع الذي يمكن بسهولةٍ، من خلال تغيير رأي عدة مئات أو عدة آلاف من المتنورين والمتعلمين، التفاؤلُ بمآلها وعاقبتها.
نحن ننتمي إلى مجتمع لا يزال فيه معظم الذين ينخرطون في السياسة يتجاهلون السياق الحقيقي للمساعي السياسية، ولا يعرفون شيئاً من العمل السياسي سوى الإفراط في الانتماء إلى الفرقة والمضي قدماً في التواطؤ. المجتمع الإيراني مجتمع عانى الاستبدادَ لقرونٍ، والاستعمارَ لقرن ونيف، الأمر الذي سلب عامة الناس الشعور بالثقة، ولم يخلف وراءه من السياسة سوى آثار الخديعة والاحتيال. ولم يرتقِ علم السياسة كثيراً بين طلابنا عن حدود المؤامرات الداخلية والخارجية المتكررة، ولم يسمعوا شيئاً أفضل من أن ثمة حيلة خفية في الأمر. الهدف من هذه الإشارات السريعة إلى مصير الديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران الماضي والحاضر هو تأكيد هذه النقطة الرئيسة وحسب، رغم الرواج الأخير لفكر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان في مجتمع المتعلمين الإيرانيين، إذ تقع على عاتق المناصرين الجديّين والملتزمين هذه القيمَ الاجتماعية مهمة جسيمة للغاية، تنفيذها ليس بالأمر السهل على الإطلاق. تعدُّ هذه القيم من بين أكثر القيم الإنسانية تطوراً حيث إن حذفها من أي فكر وعمل سياسي آخر في مجتمع متخلف (بما فيه المتعلّم والأميّ) سيكون أمراً صعباً للغاية. ولهذا السبب، يبقى السؤال غير الواضح هو التالي: هل ستترك الديمقراطية وحقوق الإنسان خاصتنا سجلّاً أفضل من السجلات السالفة، إذا ما هبّت قريباً رياح الخريف العاتيةِ عليّ وعليك، والتي ستجرف في طريقها كل ذي حملٍ خفيف؟
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد