أول كتاب حديث وصل إلينا كاملاً ومرتبًا على أبواب العلم هو موطأ الإمام مالك رحمه الله، وقد وضع الله له القبول في نفوس الناس، والموطأ من أجل الكتب التي أُلفت في عصر الإمام مالك وأعمها نفعًا، وقد فضله الشافعي على كل ما صُنِّف في الحديث إلى وقته حيث قال: ما على وجه الأرض بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك.

وتأتي مرتبة الموطأ بين كتب الحديث: بعد الصحيحين صحيح البخاري، وصحيح مسلم. لقد ألف الإمام مالك الموطأ ليحافظ على الموروث الثقافي الفقهي المدني الكبير، الذي هو أقرب ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم، بأدلته، وآثار الصحابة رضوان الله تعالى عنهم، وعمل أهل المدينة، تنبع أهمية هذا الكتاب من أهمية مؤلِفه ومكانته الدينية والعلمية، فقد عرف عنه سعة العلم، والتثبت والتمحيص، وصحة النقل، وأنه رائداً في هذا المجال، فكان كتابه بحق أول كتاب جمع بين الحديث والأثر والفقه، وهو أيضا أول كتاب مهد لمن بعده الطريق في الجمع والتدقيق. .