-
/ عربي / USD
يبحث هذا الكتاب في أحد جوانب التجربة الإنسانية للأوبئة، وهو انتقال المرض -المعروف على العموم بالعدوى-، وذلك في إطار المجتمعَين الإسلامي والمسيحي في شمال إفريقيا وإيبيريا (Iberia). ويركز قدر كبير من عنايته على مثال الموت الأسود الذي كان في القرن الرابع عشر، لكنه ينظر في أمثلة من القرن التاسع إلى التاسع عشر كي يُتم وضع شتى المعاني التي أُعطيت لمفهوم العدوى وغِناها في مقامها.
يثير المرض الوبائي الاضطراب في المجتمعات، ويزعزع النظام الاجتماعي والأخلاقي الراسخ بها. وعادة ما تثير الأوبئة الخوف والاشمئزاز والعجز والإبهام، تمامًا كما هي الحال في الطاعون والجذام، وهما المرضان الأبرز في هذا الكتاب. ثم دائمًا ما كان سؤلا “كيف تظهر الأوبئة؟” و”لماذا؟” مرتبطين ارتباطًا وثيقًا، ذلك إن لم يكونا متشابكين، وأي كلام في العدوى في إيبيريا القرون الوسطى يستتبعه على الأقل كلام في السبيل التي تصرف بها المسلمون والمسيحيون مع هذه الأوبئة. على أن التركيز هنا منصب على الدلالات الكثيرة التي أُلبست للعدوى نفسها، لا سيما على الوسيلة التي بسط بها علماء المسلمين والمسيحيين الأفهام حول العدوى، وهي أفهام استندت استنادًا نافعًا مبدعًا إلى المعرفة الطبية، والمشاهدة التجريبية، والمصادر الدينية، وما سبق من دراسات. وهذه دراسة مقارنة في أن عالمَي دراسات المسلمين والمسيحيين الذَين يُبحث هنا فيهما كانا متباينين تباينًا كبيرًا، ذلك وإن استند كلاهما إلى مصادر يونانية قديمة وإلى الكتب الإبراهيمية. وتسعى جاهدة في الوقت نفسه إلى اجتناب النزعة المقارِنة إلى تقليص تصرف دين معين أو ثقافة أو مجتمع في خصائص ضيقة يسهل مقارنتها بخصائص دين أو ثقافة أو مجتمع أُخَر. وترمي دون ذلك إلى تحديد الضوابط المختلفة التي تناظرت جماعتا العلماء هاتان في فكرة العدوى في إطارها، وتسعى كذلك إلى توضيح السبب الذي لأجله وجدت كلٌ منهما تلك الفكرةَ على هذه الأهمية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد