يسعى هذا الكتاب جاهدًا لتبيان قضيّتين أساسيّتين، لطالما شغلتا العقل البشري، ونتج عنهما الكثير من الجدل الإنساني، كما نتج عنهما أيضًا الكثير من المذاهب والطوائف المُتخيّلة؛ أمّا القضية الأولى فهي مرتبطة بقضية العصمة والكمال؛ إذ يحاول هذا الكتاب الإجابة على إشكالية مفادها أنّه هل يوجد ما يُسمى بالإنسان الكامل المعصوم؟ أم أنّه ادعاءٌ مُتخيّل من نسج خيال الناس الذين وجدوا في هذا الادعاء المُتخيّل والحاجة التي ولّدتها الظروف ما يُخفف عنهم مآسي الحياة ومعانتها؛ لما يُشكّله لهم هذا التخيّل من أمل. وبالاستناد على هذا التخيّل - أي تخيّل وجود إنسان كامل- تتبلور قضية المخلص العالمي من إنسانٍ سيأتي بقدرات مميزة لينجي البشرية من الظلم ويُحقق العدل الإلهي، أم لا على العكس تمامًا، قضية المُخلص هي قضية حقيقة واقعية؟

وأما القضية الثانية -وهي أعم من الأولى- فهي مرتبطة بماهية الدين وغاية الخلق، فما هو المسار الذي سيرسمه هذا الدين للبشرية؟ هل تستطيع البشرية أن تتكامل وتتطور اختياريًا بهذا المسار أم لا؟ وما هي غاية الخلق؟ هل المطلوب من البشرية أن تقوم بطقوس معينة؟ أم أن غاية الخلق مرتبطة بالمسار التكاملي الاختياري الذي سيرسمه الدين للبشرية؟ وبذلك تكون قضية الخلاص العالمي -كمفهوم- ضمن المسار التكاملي الاختياري القائم على اختيار الناس وإرادتهم وفعلهم لا على القهر والمعجزات. فإذا أردت أن تعرف أكثر فعليك أن تقرأ هذا الكتاب...