-
/ عربي / USD
هل يجب عدّ العنف ظاهرة اجتماعية واختزاله في مجموعة أفعال تبدو وكأنها خارجية بين الأشخاص، أم على المرء أن يرى فيه بعداً وجودياً عميقاً، يبتعد عن تحليل وصفي لخارجية ساذجة لظاهرة فيزيائية؟.
يبدو أن تاريخ البشر يميل إلى أن يندرج ضمن النظرة الثانية: للعنف بعد وجودي أكثر من كونه ظاهرة اجتماعية، تظهر وتتجدد وفق كل مجتمع وحقبة.
ينتشر العنف في مجتمعاتنا ويحدث دماراً على مستويات عدة، جسدية كانت أم نفسية، لذا يتساءل المرء بشكل مشروع عن المساحة التي يحتلها العنف في مجتمعاتنا "الحديثة"، فلا يكاد يمرّ يوم إلا وهناك عنف في مكان ما، تكتب عنه الصحافة والأخبار التلفازية والإذاعية ووسائل التواصل الاجتماعي.
مع ذلك، ليس من الضروري متابعة هذه الوسائل لمعاينة حجم الضرر الذي يسببه العنف وفهم حضوره في كل لحظة في حياة كل شخص، فكل شخص إما شاهد للعنف أو مسبب أو ضحية له، هذا ما يجعلنا نعيش شعوراً مقلقاً بعدم الأمان من ظاهرة متنامية يخشاها الجميع في مجتمعنا المعاصر.
تبقى مفارقة العيش سوياً ضمن عنف منظم هي من يدير المجتمعات وتحميها من الحروب والتطاحن، لقد أصبحت الظروف المعيشية أكثر أماناً؛ لكن بشكل مفارق، تزايدت حساسية مجتمع واستمرار السلوك المحفوف بالمخاطر، فكلما انتظمت المجتمعات أكثر فأكثر، زادت مخاطر كبت أفرادها لتظهر بشكل: إجرام جماعي حروب وإبادات جماعية وتهجير "إجرام فردي" في جرائم لا تخلو من الوحشية، عندما يأتي الضغط، الذي يولده المجتمع وعدم المساواة المعيش، سبباً بدفع العديدين إلى الإنفجار، لذا، هل للتطور وللعقلانية دور أو علاقة بتزايد العنف؟.
هذا ما سيحاول هذا الكتاب طرحه ضمن أفكار لا تزعم أنها ستحيط بإشكالية العنف البشري، بل تطرح موضوع العنف في ضوء رؤى تاريخية وضمن ميادين عدة: أنثروبولوجية وفلسفية وسياسية واجتماعية؛ لتكشف أن إشكالية العنف أعمق بكثير من أن تكون محصورة في ظاهرة اجتماعية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد