وثّقت الذاكرة الشعبية العراقية منذ 100 عام ما ظل خالداً من أهازيج وهوسات ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني كإهزوجة (الطوب أحسن لو مگواري) و(يلترعد بالجو هز غيري) و(حل فرض الخامس گوموله) و(تندار الدنيه وهذا آنه) و(حطوني إبحلگه وگلت آنه) و(رد لا تتدهده إبحلگ آفه) و(هزيت ولوليت لهذا) و(الشر يتلبد وإحنه أندور إعليه) وصولاً إلى إهزوجة ثوار الناصرية في تلك الحقبة الزمنية (شرناها وعيّت باهيزه) و(باهيزه) منطقة ريفية تقع بين الناصرية وناحية الغراف (30 كم شمال الناصرية) تسكنها عشيرةُ ال أزيرج، إذ يقول (المهوال) إننا استشرنا منطقة (باهيزه) بقبول أو رفض مرور المحتل الإنكليزي عليها فرفضت لذا قاتلنا لأجل رفضها هذا. ورغم ما وصلنا من تلك (الهوسات) والأهازيج إلا أن ما ضاع منها هو كثير، فما ردّده المهوال والثوار العراقيون من أهازيج و(هوسات) في تلك المناسبة والمناسبات الوطنية الأخرى أضعافاً مضاعفةً، لكن للأسف ضاع جلّه نتيجة عدم الحفاظ عليه بالتدوين وصيانته بالتوثيق المطلوب، إذ بقيت الأفواه وحدها تتناقل تلك الأهازيج و(الهوسات)، فنُسي معظمها أو كاد، ولم يبقَ منها إلا ما علق بذاكرة بعض الذين أدركوا المناسبات التي قيلت فيها، أو ما تناثر في بعض الصحف الصادرة في وقتها. لذا حرصت مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون على جمع وتوثيق أهازيج وهتافات وردّات اليقظة الثورية التي شهدتها السنة الأولى من انتفاضة تشرين العراقية (الأول من تشرين الأول 2019 – الأول من تشرين الأول 2020) لتوثق بذلك أحداث أطول انتفاضة شعبية من خلال هتافاتها وأهازيجها، وتسجل ما ردّدته حناجر المتظاهرين الثوار في تظاهراتهم وفعالياتهم الثورية. إن ما تمّ جمعه وتوثيقه من أهازيج وهتافات يشمل جميع المحافظات العراقية المنتفضة مع التركيز على هتافات وأهازيج عاصمة الثورة والحركة الاحتجاجية مدينة (الناصرية) التي واكبنا تظاهراتها ميدانياً ودوّنا أهازيجها من أفواه الثوار، فيما تمّ الاعتماد في جمع وتوثيق هتافات وأهازيج المحافظات العراقية المنتفضة الأخرى على متابعة ما ينشر من مقاطع فيديوية وتسجيلات صوتية عند تغطية الحراك الاحتجاجي وفعالياته الثورية في المحافظات المذكورة.