-
/ عربي / USD
لا ريب في أن شخصية ليف تولستوي من أكثر شخصيات الأدب الروسي غرابة وتناقضاً. فقد جمع هذا الكاتب العبقري في شخصيته عمق الإبداع السردي وجرأة الفيلسوف وفي الوقت نفسه الإيمان الديني الراسخ. وكان منذ عودته من رحلته الأوروبية الشهيرة واعتكافه في ضيعته ياسنايا بوليانا قد غير بشكل جذري نظرته إلى الحياة والموت ورسالة الأديب وكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية في روسيا القيصرية التي كانت ترزح تحت نير نظام القنانة (العبودية الإقطاعية) الذي تخلصت منه أوروبا الغربية في أعقاب الثورة الفرنسية الكبرى 1789. وتعتبر رسائله ويومياته خير سجل لتطوره الفكري والإبداعي ولاستكشاف المواد التي استقى منها مواضيع رواياته وقصصه ومسرحياته وكذلك دراساته الفلسفية ولاسيما حول الحياة والموت وملكية الأرض والعدالة الاجتماعية، وحول الفنون والتعليم الشعبي. وقد رأيت من المناسب انتقاء الرسائل التي لها علاقة بهذا الإبداع والدراسات ومنها رسائله إلى الكتّاب تورجينيف وأوستروفسكي وجوركي وأندرييف وستاسوف وتشيرتكوف ورومان رولان والفنانين جي وريبين والموسيقار تشايكوفسكي ورسالتاه إلى القيصر ألكسندر الثالث والقيصر نيقولاي الثاني ورسائله إلى برنارد شو والمهاتما غاندي. لكن لا تتوفر مراسلات له مع بعض معاصريه من الكتّاب المعروفين ومنهم دوستويفسكي وتشيخوف. وركزت على نشاطه الاجتماعي والتربوي في مجال التعليم وافتتاح المدارس الشعبية وعمله في التدريس فيها. إن السمة الرئيسية لأدب تولستوي تقترن بحرصه على إظهار الشخصيات والأحداث بصدق وبالتفصيل. وقد انعكس ذلك في مراسلاته الكثيرة مع مختلف الشخصيات والدوائر الرسمية للحصول على مواد أرشيفية تتعلق بما يكتبه. ويلاحظ ذلك من متابعته للأحداث التاريخية وسير الشخصيات وتفاصيل الحياة اليومية في فترة الحرب الوطنية لعام 1812 حين كتب رواية «الحرب والسلام»، ولحياة السجناء لدى كتابته لرواية «البعث» وذكريات المشاركين في حركة الديسمبريين (في رواية لم يتم تأليفها) وحياة حجي مراد والمحيطين به لدى كتابة رواية «حجي مراد» وغير ذلك. ولهذا كان يبعث الرسائل إلى جميع الأشخاص المعنيين راجياً تزويده بالمعلومات حول تلك الأحداث.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد