شارك هذا الكتاب
كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج
(0.00)
الوصف
يرجع الفقيه في عمله التشريعي إلى القرآن فيستمد من نصه أصولاً عامة يعتمد على منهجيتها، ويستوحي من سوره فلسفة أخلاقية يستنير بهديها، ويستخرج من آياته قضايا أمهات ينهج على حكمها. ولقد أوضح الإمام الشافعي السبيل لما وضع في الرسالة أصول الفقه وقرر في مقدمتها أن "ليست تنزل...

يرجع الفقيه في عمله التشريعي إلى القرآن فيستمد من نصه أصولاً عامة يعتمد على منهجيتها، ويستوحي من سوره فلسفة أخلاقية يستنير بهديها، ويستخرج من آياته قضايا أمهات ينهج على حكمها. ولقد أوضح الإمام الشافعي السبيل لما وضع في الرسالة أصول الفقه وقرر في مقدمتها أن "ليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها". وكذلك يلجأ المجتهد إلى الحديث النبوي فيجده مكملاً للقرآن مبيناً له ومتمماً، فيأخذه عنه، وكأنما أخذ عن القرآن. ولقد قصد الشافعي بوضعه علم أصول الفقه إلى إقامة الاجتهاد على أسس منطقية موضوعية ومحكمة. ولذا فهو يفرق بين الرأي المرسل على أعنته كالاستحسان فلا يرى فيه إلا "تلذذاً" أو "تعسفاً" وبيّن الاجتهاد الحق المبني على اصل من القرآن أو الحديث، فإذا هو القياس، إذ الاجتهاد في نظره لا يكون أبداً إلا على طلب شيء، "وطلب الشيء لا يكون إلا بدلائل والدلائل هي القياس". ثم إن الأصل الرابع من هذه المنهجية التشريعية المتمثل في الإجماع يدعم هذه الموضوعية ويوطد في النفس يقينها وطمأنينتها إلا أنه ليس من اليسير على المجتهد أن يقف على أحكام القضايا والنوازل والمسائل التي انعقد حولها إجماع المسلمين قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها، وعبر العصور الإسلامية المتعاقبة، خاصة أنهم ينتمون إلى أصقاع مختلفة، وينحدرون من أجناس بشرية وسلالات متعددة ويواجهون مشاكل متباينة.
ومن هنا،ي وفي هذا الخضم من المسائل الخلافية التشريعية، ظهر فن الجدل الذي يستمد حجيته من القرآن والحديث وأقوال الأئمة أصحاب المذاهب الفقهية والمدارس الكلامية، بقطع النظر عن الخلاف بالذات الذي يبرر وجوده، بل يفرض الاعتماد عليه. ذلك أن هذا الفن يحرص على أن يمد المجتهد بأحسن المناهج وأحكمها وأدقها وأصوبها حتى يستفيد عن خبرة وبصيرة وهدي من هذه المسائل الخلافية المستنبطة عبر العصور المختلفة المتعاقبة منذ العصر الذي ظهر إلى يوم الناس هذا.
فهو قد أدى أجلّ الخدمات في الماضي القريب والبعيد. ثم إن العلماء المصلحين في عصرنا الحديث لا يترددون في الرجوع إلى مناهجه حتى يدركوا المأتي والمنتهى لكل حلّ من الحلول التي تمس العقيدة أو الشريعة والتي انحدرت إلينا من ماضي مجيد كجزء من تراثنا، وذلك قصداً منهم لحسن الاختيار والتوفيق بين مفترضات الأصالة ومقتضيات التجديد.
وقد ألف في هذا الفن الكثير من المصنفات. ومؤلف الباجي الأندلسي الذي هو بين يدي القارئ هو من المؤلفات الهامة في هذا الفن، وهو قيم بلا شك ويمكن التأكد من ذلك من خلال قراءة فصوله. إلا أن هذه القيمة تتضاعف بقيمة نسبية إذا علمنا أنه يمثل الباكورة تقريباً في هذا الفن البقعة المغربية من العالم الإسلامي، أي الأندلس موطن الباجي. وهو يتسم بطابع ثقافة الباجي الفقهية الأصولية الجدلية الشاسعة والجامعة التي تلقاها في المشرق، وخاصة بغداد، وبفضلها عاد إلى بلده الأندلس وقد أكمل زاده العلمي واستعد لفتح جديد في علم الكلام بتكونه الأشعري. وكذلك في علم الأصول الفقهية باحكامه الفن الجدلي. ومن الثابت أن الباجي يناصر في "المنهاج" الأقوال المالكية، لأنه قد ألفه خصيصاً لهذا الغرض. وقد أراد الباجي أن يجعل من كتابه هذا كتاب خلاف، لذا فهو يستعرض فيه الآراء المختلفة من المذاهب الثلاثة الكبرى، ليضعها حذو الآراء المالكية. وإن كان أثر الحنبلية يبدو ضعيفاً فيه، فالشافعية، على عكس ذلك، بادية في مظهر ذي شأن، إذ يتحدث عن شيوخها في شيء من التقدير والإجلال، خاصة إذا تعلق الأمر بأستاذيه، أبي الطيب الطبري وأبي إسحاق الشيرازي. هذا وإن تخطيط الكتاب يذكرنا بتخطيط أي كتاب من كتب أصول الفقه خاصة في التدرج بين أصول الشرعية الأربعة، إلا أنه يختلف عنها اختلافاً تقتضيه خاصية هذه الصناعة الجدلية.

التفاصيل

 

سنة النشر: 2014
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 310
عدد الأجزاء: 1
الغلاف: Casewrap Hardcover
الحجم: 17x24

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين