مصنف هذا الكتاب هو المولى محمد بن علي الرومي الحنفي البروسوي، الشهير بإسم "ابن سباهي زاده" وهي شهرة باللقب العسكري، الذي كان يحمله والده. ومولده في بروسة (بورصة) شرقي بحر مرمرة بتركيا، في القرن العاشر الهجري الذي استغرق فيه أيام حياته. ولم تحدد المصادر تاريخ ولادته. وقد قضى في بلده التي كانت عاصمة بني عثمان الأولى، ومنها انطلق محمد الفاتح الى القسطنطينية، وبها نشأ وتكوّن على علمائها. وقد اجتاز درجات علمية متتالية وتبدأ مراكز هامة حيث ابتدأ عمله كمدرّس لينتهي قاضياً بأزمير. وكانت وفاته وهو على القضاء في ذي القعدة من السنة 1586. وتذكر المصادر العثمانية انه الى جانب سعة معارفه كان متضلعاً في لغته التركية وفي العربية والفارسية، متمكناً في الكتابة بها، وقادراً على قرض الشعر على أوزانها، وكانت له عناية خاصة وبراعة في علم الكلام والمنطق والرياضيات، وكانت له مؤلفات وآثار في مواضيع مختلفة منها كتابه هذا "أوضح المسائل الى معرفة البلدان والممالك". وقد ارتكز فيه كما يصرح في مقدمته على تقويم البلدان للسلطان الملك المؤيد اسماعيل بن علي صاحب جماه (672 – 732هـ) واعتبره من أجود المصنفات في الجغرافيا وألطفها، لكونه اشتمل على زبدة المتقدمين وخلاصة أعمال المتأخرين". وأوجز خطته في التأليف، حتى يكون أخذه يسيراً ونفعه كثيراً على ما يلي: - ترتيب مادة الكتاب على حروف المعجم – إضافة ما التقته من مصنفات المحققين، وما استنبطه من مؤلفات المدققين". وقد اتبع ابن سباهي زاده في إعداده للكتاب ، ايراد المادة الجغرافية مضبوطة بالحرف، واستمد تحقيقه من كتب اللغة وكتب الإنسان، مثل كتاب الصحاح للجوهري، والعباب الزاخر واللباب الفاخر للصغاني وغيرها... ويذكر بعد ذلك الإقليم الذي ينتمي إليه الموقع، ويورد المعلومات الجغرافية المتعلقة بالمكان من حيث الطبيعة السكانية، والمسافة بينه وبين محيطه من الأماكن الأخرى، ويختم المادة بذكر الأطوال والعروض كما سجلتها كتب الجغرافيا الرياضية. ونظراً لأهمية الكتاب صير الى تحقيقه حيث سلك المحقق في مراجعة أصول هذا النص وتحقيقه مسلك المتابع للسياق، ونحا في تحقيقه منهجاً يتيح لمطالع المادة أو الموضع الإحاطة بالمصادر الجغرافية الأخرى التي تعرضت له، حيث كان يشير في هامش كل مادة الى موضعها من أصلها في كتاب تقويم البلدان والى مصادر إضافية إن وجدت، وذلك مما لم يرد في متن المادة، لتكون معيناً للباحثين في الوصول الى نصوص جغرافية أخرى توفر لهم معلومات مستفيضة، خاصة وأن أغلب كتب الجغرافيا مطبوعة بعناية المستشرقين في نشرات قديمة، ولم تتبع بها فهارسها، وإنما جمعت في أجزاء أخيرة، كما هو الشأن في المجموعة الجغرافية التي نشرها وهي نحوية، وهذه نشرات قد لا تتوفر للباحثين.