-
/ عربي / USD
إن للموطأ لمكانة كبيرة عند الأمة بمختلف مدارسها ومذاهبها، وهو أول كتاب أُلّف في شرائع الإسلام، ألَّفه الإمام مالك على مهل، حتى نضج واكتمل، وقد أراد الخليفة أبو جعفر المنصور أن يجعل منه قانوناً عاماً للمسلمين في عهده، يحملهم عليه حملاً، فأبى عليه ذلك مالك رضي الله عنه، وهذا من إنصافه وإخلاصه وتواضعه وحسن فقهه.
والموطأ كتاب جامع، ففيه الحديث، وفيه الفقه، وفيه أصول الفقه، وفيه أصول الدين، وفيه الدعوة، وفيه التربية، وكلُّ هذه الجوانب يبدع فيها قلم ابن العربي ويحسن الشرح والتوجيه.
فلا عجب أن تراه - بوصفه محدِّثاً، يرجح حديثاً على حديث، أو رواية على رواية، ويصحَّح ويضعِّف بثقة وإطمئنان.
كما تراه - بوصفه فقيهاً - يناقش الآراء، ويوازن بين الأدلة، ويضعِّف ويقوِّي، ويرجِّح إستنباطاً على إستنباط، ويختار ما يراه الأصوب والأرجح، فهو يقوم بعمل أساسي في صميم "الفقه المقارن"، ولا يتَّسع المقام لضرب الأمثال، فالكتاب كلُّه واضح لَمن قرأه فأحسن قراءته.
وقد حاول الكثيرون أن يكون لهم نصيب من خدمة الموطأ، في كل الأعصار، وفي كل الأقطار، وقد كان ابن العربي من أبرزهم وأميزهم، حيث كتب شرحين للموطأ، أحدهما: "القبس شرح موطأ مالك بن أنس"، وقد نشرته دار الغرب الإسلامي، بتحقيق محمد عبد الله ولد كريم؛ والثاني: "المسالك شرح موطأ مالك"، الذي يعمل لخدمته محقق هذا الكتاب السًّليماني وشقيقته.
وقد نبَّه الأستاذ السُّليماني على الفرق بين الشرحية بإختصار حين قال في المقدِّمة: "استوعب المؤلِّف، في كتابه "المسالك" أغلب ما في كتابه "القبس"، وأضاف عليه إضافات كثيرة، والمتأمِّل في عنوان الكتابين يدرك هذا المعنى، فــ"القبس" عبارة عن لمحات دالَّة على المراد، جعله مؤلِّفه إملاءً على أبواب "الموطأ"، وجمعاً لما فيها من الأحاديث والآثار، فهو لم يُعنَ بشرح كل الأحاديث والآثار الواردة في "الموطأ".
بل كان يأتي إلى الباب الذي تعدَّدت فيه الروايات، فإذا كان المال فيها واحداً، شرح منها حديثاً واحداً، وكأنه بذلك شرح جميع الباب، أما "المسالك" فقد تتبَّع فيه المؤلف ألفاظ الأحاديث حديثاً حديثاً، مبيِّناً لمعانيها وموضِّحاً لأحكامها...
ولأهمية هذا الكتاب عمل المحققان على عنايتهم بهذا الكتاب، وبذل الجهد في إخراجه، بأحسن ثوب له.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد