-
/ عربي / USD
معجمات الشيوخ والمشيخات، هي ضرب من ضروب كتب التراجم تعني بذكر شيوخ أحد العلماء الذين أخذ العلم عنهم، وتختلف في ترتيب المادة العلمية وأسلوب عرضها، فما رتب فيه أسماء الشيوخ على حروف المعجم أطلق عليه "المعجم"، وأما "المشيخة" فتطلق في الأغلب الأعم على طرائق التنظيم الأخرى، كأن تكون مرتبة على الوفيات، أو تاريخ السماع، أو البلدان، أو نحو ذلك من ضروب التنظيم.
وتنقسم معجمات الشيوخ والمشيخات إلى قسمين من حيث التخريج، فمنها ما يقوم بتخريجها صاحب المشيخة بنفسه، كمشيخة الفسوي، وابن شاذان، ومعجم شيوخ الذهبي وغيرهم. ومنها ما يقوم بتخريجها شخص آخر، وهي الأكثر، ومنها معجم شيوخ السبكي هذا الذي بين يدينا والذي اشتمل على شيوخ السبكي بالإجازة والسماع. وتختلف المادة الموجودة في كل ترجمة عن الأخرى بحسب طبيعة المترجم ومنزلته العلمية، لكن المنهج العام الذي اتبعه المخرج عبد الله ابن سعد الصالحي الحنبلي في سياقة التراجم يبين أن كل ترجمة كانت تتضمن في محورها الأول اسم الشيخ ونسبه وشيوخه وسماع السبكي منه وبيان منزلته العلمية استناداً إلى تقويم التاج السبكي له أو بنقل آراء الآخرين، ثم ذكر مولده ووفاته. أما المحور الثاني فهو سياقه حديث أو أثر أو شيء من نظم المترجم أو أكثر، فيسوقه بالأسانيد العالية، لما للعلو من أهمية في ذلك الزمان. أما المحور الثالث فينصب عادة على تخريج الحديث الذي ساقه من مسموعات صاحب المشيخة، ومعتمده في ذلك كتاب "تحفة الأشراف" للحافظ المزي في الأغلب الأعم، فإن لم يجده في التحفة قال: "لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة". وهو يتكلم على إسناد الحديث حين يجد ذلك ضرورياً، فيبين عن صحته أو ضعفه وعلله، وقد يوضح المبهمين في السند، أو يشرح المختصر بما يدفع اللبس والغموض، وربما ذكر ترجمة مختصرة لراوي الحديث من الصحابي أو التابعي أو غيرهما غالباً ما ينقلها من "تهذيب الكمال" للحافظ المزي، ويعني المخرج بوقوع الحديث عالياً للمخرج له مع تبيان نوع العلو ودرجة كأن يكون موافقة أو بدلاً.
وقد استعان المخرج بموارد عديدة في صياغة المحور الأول من محاور الترجمة، كان من أبرزها كتاب "الطبقات الكبرى" للمخرج له، و"معجم شيوخ" علم الدين البرزالي (ت739)، و"معجم شيوخ الذهبي" (ت748) وغيرهما.
أما المحور الثاني فقد اقتبس المخرج من الأجزاء والكتب التي سمعها التاج السبكي ودونها في ثبته، وقد أحصاها الشيخ مصطفة الأعظمي أحد محققي هذا المعجم في دراسة له فوقف على قرابة الثمانين مورداً، وهي في الأغلب الأعم الكتب والأجزاء الدائرة في الرواية لعلو أسانيدها.
وأما المحور الثالث فقد كان الاعتماد فيه على "تحفة الأشراف" وأشار في مواضع قليلة جداً إلى "مسند الإمام أحمد"، و"سنن البيهقي"، و"مستدرك الحاكم".
وبالنظر لأهمية هذا الكتاب فقد اهتم "رائد العنبكي" و"مصطفى الأعظمي" بتحقيقه حيث قام الشيخ مصطفى بنسخ المخطوط بخطه المتقن، وقابل المنسوخ على أصله، ونظم المادة المنسوخة بما يظهر المعاني ويوضح الدلالات من حيث بداية الفقرات، ووضع النقط عند انتهاء المعاني، ووضع الفواصل اللازمة لإظهار تلك المعاني.
وعني بتقييد النص وضبطه بالحركات، لا سيما فيما يشتبه من الألفاظ وأسماء الناس وكناهم وأنسابهم وألقابهم وأسماء البلدان والمواضع. وقابل النص بأصوله وموارده التي اعتمدها "المخرج" زيادة في التحقيق والتدقيق، فأشار إلى مناجم النص ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. فضلاً عن ذكره جمهرة من الموارد لكل ترجمة أصلية من تراجم الكتاب مما يهيئ للدارس مادة جاهزة ميسرة، فضلاً عن الفوائد والعوائد المتأتية من دراسة هذه الموارد لفهم النص وإثارة دفائنه.
وعني عناية بالغة في تخريج الأحاديث والكلام عليها. ونبه في أثناء التحقيق على بعض الأوهام التي وقه فيها "المخرج" بكل روية وحذر وتحقق، وبالبناء والتشييد لا بالتقليد. وعني بتتبع الإضافات أو الاستدراكات العلمية التي كتبت على حاشية النسخة الخطية، فأدخل منها ما رآه من النص، وذكر الآخر في التعليقات، ومنها البلاغات ونحوها. وضع لهذا النص ما يحتاجه من الفهارس اللازمة، لتجتنى فوائده بسهولة ويسر ومن غير عناء ولا نصب.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد