-
/ عربي / USD
هذا كتاب ثمين من تراث المدرسة المالكية المصرية العراقية، لعالمين جليلين كبيرين: عبد الله بن عبد الحكم المصري المتوفي سنة 214هـ، والشيخ أبو بكر الأبهري البغدادي المتوفي سنة 375هـ. والكتاب في أصله عبارة عن شرح للشيخ أبي بكر لجامع المختصر الفقهي لابن عبد الحكم. هذا الجامع الذي يمثل أصلاً قيماً لنوع من المؤلفات، انفردت به المدرسة المالكية عن باقي المدارس الفقهية المذهبية الأخرى.
وعن هذا النوع من التصنيف، ومؤسسه، وقيمة محتوياته، يحدثنا القاضي أبو بكر بن العربي المعافري الإشبيلي المتوفي سنة 543هـ، فيقول: "هذا كتاب -يعني هذا النوع -اخترعه مالك- رحمه الله، في التصنيف لفائدتين: أحدهما: أنه خارج عن رسم التكليف المتعلق بالأحكام التي صنفها أبواباً، ورتبها أنواعاً. والثاني: أنه لما لحظ الشريعة وأنواعها، ورآها منقسمة إلى أمر ونهي، وإلى عبادة ومعاملة، وإلى جنايات وعبادات نظمها أسلاكاً، وربط كل نوع بجنسه، وشذت عنه من الشريعة معان مفردة لم يتفق نظمها في سلك واحد، لأنها متغايرة المعاني، ولا أمكن أن يجعل لكل منها بابا لصغرها، ولا أراد هو أن يطيل القول فيما يمكن إطالة القول فيها، فجمعها أشتاتاً، وسمى نظامها كتاب الجامع، فطرق للمؤلفين ما لم يكونوا قبل ذلك به عالمين في هذه الأبواب كلها...".
إذن، فهذا الأسلوب في تبويب المسائل الذي يدرج جانباً منها تحت عنوان "الجامع" يختص بالتأليف في مذهب الإمام مالك، وهو لا يوجد في تصانيف غيره من المذاهب، كما وأنه من محاسن التصنيف، لأنه يجمع مسائل لا يتناسب وضعها في ربع من أرباع الفقه، وفقهاء المالكية في ذلك يتأسون بإمام المذهب في مؤلفه الموطأ.
والكتاب الذي نقدمه للقراء اليوم، يعتبر من أقدم نماذج هذا النوع من التصنيف بشرح الشيخ أبي بكر الأبهري، شيخ فقهاء العراق، وأفقههم في مذهب مالك. وإن إخراجه إلى الوجود محققاً يعتبر مفاجأة للباحثين والقراء عموماً، وهو في نفس الوقت، إنقاذ لأصل ثراتي مالكي.
وبالعودة لعمل المحقق نجده يتجلى بـ: أولاً: شكل ما يشكل من النصوص القرآنية والحديثية، وبعض ألفاظ ومصطلحات المتن تذليلاً للصعوبات. ثانياً: شرح الكلمات الغريبة، والمصطلحات الفقهية الواردة في الكتاب، لتيسير فهم النص. ثالثاً: خرج الآيات القرآنية الواردة في المتن، وذلك بذكر اسم السورة ورقم الآية مع الشكل التام، رابعاً: خرج أغلب الأحاديث النبوية الشريفة والآثار، اعتماداً على دواوين السنة النبوية المختلفة، وقد التزم في التخريج بذكر الكتاب، والباب اللذين ورد فيهما الحديث، أو الأثر مع الشكل التام. خامساً: ترجم للأعلام الوارد ذكرهم في متن الكتاب، واعتنى ببيان مؤلفاتهم ووفياتهم، مراعياً الإيجاز في تراجمهم. سادساً: قابل بين النسختين وأثبت الفروق بينهما، وذلك بجعل ما أراه صواباً، أو يغلب على الظن صحته بين معقوفتين في متن الكتاب مع بيان الاختلاف في الهامش. سابعاً: أكمل بعض الطمس بالنسخة الأم، اعتماداً على النسخة الثانية -الأزهرية- كما استعان بالنسخة المشروحة المخطوطة بخزانة القرونيين رقم 810. ثامناً: وثق نصوص ابن عبد الحكم اعتماداً على قطعة الجامع المتوفرة بخزانة القرويين، وبمثيلاتها بجامع البيان والتحصيل لابن رشد، وهي في غالبيتها تتطابق معها حرفاً حرفاً. تاسعاً: زيادة في توضيح وتفسير نصوص ابن عبد الحكم، أثبت بيان ابن رشد لهذه النصوص في الهامش للمقارنة بين الشرحين. عاشراً: ذيل الكتاب بوضع فهارس متنوعة، تيسر للقارئ الوصول إلى ما يريده منه بيسر وسهولة وهي: 1-فهرس مصادر ومراجع التقديم والتحقيق، 2-فهرس الآيات القرآنية، 3-فهرس النصوص الحديثية، 4-فهرس الأعلام، 5-فهرس موضوعات الكتاب.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد