هذا كتاب "تدوين الحديث" الذي كتبه العلامة السيد مناظر أحسن الكيلاني (1892-1956) باللغة الأردية قبل أكثر من ستين عاماً حين استشعر خطر تفاقم المحولات القديمة الجديدة لإقصاء السنة النبوية من حياة المسلمين بحجج واهية وأدلة باطلة، فوفقه الله لدحضها إيماناً منه بأن لا حياة للمسلمين من غير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بمتابعتها يتحقق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة وبمخالفتها أو تركها يكون الخذلان والخسران في الدنيا والآخرة على أن إنكار السنة النبوية في العصور الأولى كان ضمن حالات فردية قليلة أو في فكر بعض الفرق الضالة التي سرعان ما تهاوت واندثرت.
وحين زالت دولة الإسلام في الأعصر الحديثة وضعفت شوكتهم وخضعت أكثر بلدانهم إلى المستعمرين، بدأ المستعمون ينشرون أفكارهم الخبيثة الساعية إلى القضاء على الإسلام ومقوماته، ومنها السنة النبوية. وأول ما أثار حفيظتهم أحاديث الجهاد، لا سيما حينما سعى المسلمون إلى استخلاص بلدانهم من براثين الاستعمال البغيض، ولذلك دعم المستعمرون طبقة من رجال الدين ممن أنكروا الجهاد بالسيف، فكان من دعاتهم في الهند جراغ علي وميرزا غلام أحمد القادياني، وغيرهما. وقد خلق المستعمر في الهند طبقة من العملاء عرفت بروحها الانهزامية مثل السيد أحمد خان وعبد الله الجكرالدي وأحمد الآمرتسري ووآخرين.
ثم جاء غلام أحمد برويز فأسس جميعة باسم أهل القرآن، كما أصدر مجلة شهرية ونشر عدة كتب في هذا المجال، وكان ينكر المتواتر وغير المتواتر من الأحاديث، أن هذه الحركة المشبوهة هي التي دعت العلامة السيد مناظر أحسن الكيلاني إلى تأليف هذا الكتاب باللغة الأردية في منتصف الأربعينيات من المئة الماضية، وأطال النفس فيه، وساقه بأسلوب رفيع سهل ميسر يفهمه الجميع.
وقد ترك الكتاب أثره الحميد في الساحة الثقافية الهندية وكان مصدراً ملهماً لكثير من الدراسات التي جاءت بعده وتناولت موضوعه. وقد ظلّ الكتاب حبيساً بلغته الأردية فلم ينل حظه من الانتشار بين غالبية المسلمين الذين يتخذون العربية لغة لهم سواء أكانوا عرباً أم غيرهم، إلى أن قام العلامة عبد الرزاق إسكندر بنقله إلى العربية لتعم فائدته على جميع المسلمين.