يقول المؤلف بأن دراسة التاريخ بحكاية الأحداث لم يعد لها مكان في الفكر التاريخي، وربما لم يعد لها مكان في فكر القارئ، خاصة وقد عزف القارئون والدارسون عن الأسطورة ذاكراً بأن تاريخ المغرب هو ربما أكثر تواريخ العالم مما صنعه الأشخاص، ولذلك لا يكاد الباحث يجد، في كتب التاريخ،...
يقول المؤلف بأن دراسة التاريخ بحكاية الأحداث لم يعد لها مكان في الفكر التاريخي، وربما لم يعد لها مكان في فكر القارئ، خاصة وقد عزف القارئون والدارسون عن الأسطورة ذاكراً بأن تاريخ المغرب هو ربما أكثر تواريخ العالم مما صنعه الأشخاص، ولذلك لا يكاد الباحث يجد، في كتب التاريخ، إلا صراع الأشخاص، وقلما يوجد صراع أفكار إلا حين يتدخل الدين إلى حدّ ما، أو تتدخل السياسة "السياسوية"، وليس سياسة التغيير أو البناء، ومع ذلك فالكاتب يرى بأن المؤرخ الحديث يجب أن يتعامل مع ما وصل إليه من أشتات الأحداث، ولو كانت متناقضة، أو يشعر بأنها مزيفة، ليحلل الحدث أو الشخصية التي صنعت التاريخ. فالمؤرخ ليس مطوقاً بإثبات الحقيقة أو نفيها، وربما لن يجد سبيلاً إلى ذلك، ولكنه مطوق بأن يتعرف على ما بين يديه، ويحق له بعد ذلك أن يتشكك في الحقيقة، أو البحث عنها من سبل أخرى لو أسعفته الآثار المنحوتة أو الكتابات المنقوشة، إذا لم تكن هي الأخرى مزيفة أو وثائق يتأكد، بقليل من الشك، أن الباطل لم يأتها من كتابها ومحرريها. من هنا فإن هذا العمل إنما يمثل محاولة يتتبع من خلالها المؤلف المواقف التي كانت منعطفاً في تاريخ المعذب، انطلاقاً من المنعطف الذي حدث في مسيرة التاريخ منذ عصر النهضة في أوروبا، واقترن بعصر التوسع، ونقل الصراع، جزء منه، مع الذات ومع الجار، إلى الصراع مع الآخر. وربما حول الصراع الثنائي أو مع الذات ليكون في سبيل احتواء الآخر أو لربما من سوء الحظ، أو حسنه، أن هذا الآخر كان هو المغرب في فترة طويلة من عصر النهضة وعصر التوسع الأوروبي.