-
/ عربي / USD
إن هدف الطب وغايته، جعل حياة الإنسان أكثر سعادة وأقل عناء؛ بالوقاية من الأمراض والأوبئة، وتخفيف آلام المصابين وأوجاعهم، والعمل على شفاء العلل والأسقام عندما تغزو العافية، فتطرد السلامة وتوهن القوى. ولذلك لُقّب الأطباء تبعاً لرسالتهم الإنسانية النبيلة هذه بالحكماء. وكان الطب فرعاً من فروع الحكمة، له ولأهله هذا الشرف والتقدير. وإن انسلخ معظم الأطباء عنه اليوم واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير فرغبوا في لقب "الدكتور". ولكن سيطرة المادة على الحياة جعلت المخابر العلمية تتسابق للفوز ببراءة الاختراف نهماً للفوز بالربح العاجل الوفير، ولم تكتف بهذا، بل أخذت تقتحم كل الميادين دون نظر إلى ما يترتب على ذلك من آثار مزلزلة للقيم التي يقوم عليها بناء المجتمعات، هذه القيم التي لولاها لكانت البشرية حفنة من غبار تتطاير لأول ريح يمحقها من الوجود فلا ترى لها أثراً. اختلطت المعايير في عصرنا هذا اختلاطاً مفزعاً، فشرعت بعض الدول قتل المريض معبرين عنه "بالقتل الرحيم"، وانقلبت اليد التي كانت تمثل للمرض الرحمة والشفقة، فتحس بالراحة تسري في الأجسام الواهنة، عندما تلمسهم حانية رفيقة، انقلبت تلك الأيدي إلى أيد غليظة لجلادين، تحجرت قلوبهم فلا تنبض برحمة ولا تلين بعاطفة. واكتشف الطب أسرار الامتزاج بين الجنسين، الأساس المولد للذرية من البنات والبنين، فتدخل في ذلك المزاج دون أن يتقيد بقيد. حمل الوادي الهادر الذي تضخ فيه كل يوم الروافد، حمل إلى العلماء سيلاً دافقاً من المعلومات، التي يتضاعف تعدادها وكميات ما تأتي به، وهم إن لم ينضبطوا في استخدامها بجملة من القيم، فإنهم يسارعون بتدمير البشرية والقضاء عليها.
كل ذلك وغيره من التجاوزات المدمرة التي يشهدها المجال الطبي كان باعثاً على تكوين منظمة أطلق عليها اسم "المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية التي عقدت مؤتمرها الأول بالكويت ما بين 6/10 ربيع الأول 1401هـ-12/16 كانون الثاني 1981 الذي شارك فيه واحد وعشرون ومائة 121، من العلماء في متنوع الاختصاصات والفروع العلمية من القارات الخمس، مسلمين وغير مسلمين. فالمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية لا تهدف أن تقيم مركز بحث توفر له الآلات التقنية المتطورة، والأطباء والعلماء والباحثين المهرة، لتكتشف دواءً جديداً أو غير ذلك من المسائل الخاصة في هذا المجال. إلى جانب ذلك فمن غير المكن تصور أن المعنى بالطب الإسلامي هو طريقة خاصة في وصف الداء والدواء، والفحص وعلاج المرضى. وإذن فالسؤال المطروح هو: ما هو إذن دور المنظمة الإسلامية، وما هو الطب الإسلامي؛ وما هو هذا المركب الطب الإسلامي الذي قامت عليه هذه المنظمة، هذا ما يحاول الكتاب الإجابة عليه والذي يمثل القطب الذي تدور حوله البحوث التي تمّ جمعها في هذا الكتاب، بعد أن كان محمد المختار السلامي، مفتي الجمهورية التونسية ومؤلف هذا الكتاب، قد ألقاها على منابر مؤتمرات وندوات دولية في عواصم متعددة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد