لا يحتاج كوركيس عواد (1908-1992م) إلى تعريف، فلقد أعطى هذا العالم الموسوعي الفذ: التراث الإنساني الكثير، وخاصة التراثين: العربي-الإسلامي والسرياني. وتشهد له بذلك المكتبات الكبرى في الشرق والغرب حيث احتلت آثاره رفاً كاملاً فيها تحولت إلى مراجع أساسية لا يستغني عنها باحث أو طالب...
لا يحتاج كوركيس عواد (1908-1992م) إلى تعريف، فلقد أعطى هذا العالم الموسوعي الفذ: التراث الإنساني الكثير، وخاصة التراثين: العربي-الإسلامي والسرياني. وتشهد له بذلك المكتبات الكبرى في الشرق والغرب حيث احتلت آثاره رفاً كاملاً فيها تحولت إلى مراجع أساسية لا يستغني عنها باحث أو طالب علم. وتقديراَ لمكانته العلمية والعالمية نال عضوية عدد من المجامع العلمة ولقب بـ شيخ المفهرسين العرب. ورحل عن دنيانا وكله أسف لأن أكثر من عشرة كتب ألفها لم تر النور!
ولدا "كوركيس عواد" في محلة الميدان القديمة في الموصل في محلة الميدان القديمة في التاسع من تشرين الأول أكتوبر سنة 1908م، في أسرة عراقية مسيحية سريانية متوسطة الحال. في صيف 1915 ألحق بمدرسة الطاهرة الأهلية، حيث درس فيها مبادئ القراءة والكتابة العربية والسريانية والحساب.
وبعد إنهائه الابتدائية قصد بغداد حيث دخل دار المعلمين، وبعد أن أمضى فيها سبع سنين دراسة تخرج فيها (26-1927) فعين معلماً في مدرسة بعشيقة الابتدائية. تعد السنوات التي أمضاها في بغداد من المراحل المهمة في حياته، فلقد توسعت أثناءها ثقافته ومداركه، وخلالها غير لقبه العائلي من (ججي) إلى عواد.
وبعد ذلك قام بتدريس مادة العلوم الاجتماعية في عدة مدارس تابعة للواء الموصل وخلال هذه الفترة شرع بنشر طائفة من المقالات الجغرافية والتاريخية والحضارية في مجلة (النجم) التي كانت تصدر في الموصل، وكان عنوان المقال الأول الذي نشر: الاستكشاف الجغرافي العالمي.
في صيف 1921 وقع في يديه أثر أدبي استعارة من زميل له في الصف وعنوانه (قصة روبنسون كروز)، كانت تلك القصة هي أول كتاب يطالعه في حياته، ومنذ ذلك الوقت أحب كتب الرحلات التي تبحث في المغامرات والمجهول، بعد ذلك بسنوات صنع فهارس للرحلات التي قام بها أصحابها إلى العراق وغيره. وتوج أعماله بـ (معجم الرحلات العربية المعربة قديماً وحديثاً).
قام كوركيس عواد برحلات علمية إلى الشرق والغرب وأهمها رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي كشف خلالها نوادر ما تحتجنه مكتباتها من المخطوطات عربية وشرقية ويعتبر كتابه (جولة في دور الكتب الأمريكية) وفهرسه من المراجع الأساسية للباحثين، وكان من فوائد هذه الرحلة اكتشافه (رسالة في الأحجار الكريمة لا بيغانبوس) وأوفدته منظمة اليونسكو إلى عدة بلدان لمسح ودراسة المخطوطات العربية، فنهض بالمهمة خير قيام ونشرت المنظمة تقاريره باللغة الإنكليزية لأهميتها... وهكذا تنوع تراثه الإنسان والفكري بين مقال ومخطوط وكتاب بيبليوغرافي ودراسات في التاريخ والحضارة والمعارف وتحقيقات ودراسات في المكتبات ونوادرها... وخوفاً على هذا التراث العراقي من الضياع أو الاندثار اهتم "جليل العطية" بجمع شتات جملة الأعمال التي دونها "العواد" في هذا الكتاب الموسوعي الذي عنونه بـ"الذخائر الشرقية".
وبالعودة لمضمون هذا الكتاب نجد أنه قد جاء متضمناً على ثلاث وستين ومائة رسالة ومقالة ونبذة مما نشر الفقيد ما بين سنتي 1935 و1989 باللغتين العربية والإنكليزية، وهو يضم مقالات موضوعة ومحققة ومترجمة مما كتبه أو حققه بمفرده -أي دون مشاركة أحد- في الشؤون التاريخية والخططية والجغرافية والنحوية والطبيعية والحضارية وغيرها.
وتحتل الأعمال البيبليوغرافية الصدارة -كماً ونوعاً- في هذا الكتاب، حيث كرس لها الراحل وقتاً طويلاً ومنحها صبراً عجيباً، ولهذا تداخلت (البيبليوغرافية) في معظم الفنون التي تناولها.
ولتيسير مهمة الباحث قتم "جليل العطية" تقسيم موضوعات هذا السفر على عشرة أبواب هي: 1-الأعمال البيبليوغرافية. 2-الأعمال المتفرقة (رسائل شخصية ، نبذ... الخ). 3-تحقيقات بلدانية. 4-التراجم والسير. 5-التعريف بالكتب ونقدها. 6-التعريف بالمخطوطات وفهارسها. 7-دراسات في التاريخ والحضارة والمعارف العامة. 8-دراسات في المكتبات ونوادرها. 9-النصوص المحققة. 10-القسم الأجنبي (المقالات التي نشرها باللغة الإنكليزية).
وزيادة في الإيضاح قام بكتابة العديد من التعليقات على هذه المقالات بشكل وجيز خدمة للقارئ والكتاب، واهتم بتصويب طائفة من الأخطاء القليلة التي وقع فيها المؤلف، كما واعتنى بالتقديم لكتابه هذا بمقدمة تناولت سيرة المؤلف وآثاره والبيبليوغرافية الخاصة به.