عمر العطاء الفكري، والإبداع الأدبي، عند الشهيد (حوحو) يمتد عشرين عاماً. عقدان من الزمن، ومن العطاء، في نفس موصول، نبضاً في الحياة ونبضاً في الإبداع، عقدان يتواصلان ويتمايزان. يتمايزان موقعاً ويتواصلان وفاء للفكر والأدب، تأرجح الموقع الأول بين المدينة المنورة ومكة المكرمة،...
عمر العطاء الفكري، والإبداع الأدبي، عند الشهيد (حوحو) يمتد عشرين عاماً. عقدان من الزمن، ومن العطاء، في نفس موصول، نبضاً في الحياة ونبضاً في الإبداع، عقدان يتواصلان ويتمايزان. يتمايزان موقعاً ويتواصلان وفاء للفكر والأدب، تأرجح الموقع الأول بين المدينة المنورة ومكة المكرمة، وامتد الثاني بين قسطنطينية والجزائر العاصمة. عرفت الجزائر (حوحو) رائداً في نهضتها الأدبية الحديثة في القصة والمسرح، وودعته شهيداً في غمرة المليون ونصف المليون من الشهداء في ثورتها الخالدة، وفي موكب شهداء (الضاد) في ثورة الإسلام والعروبة في الجزائر المعاصرة. وكان (حوحو) رائداً حتى في استشهاده، فقد رابط في الموقع حتى اقتادته يد الغدر ليلاً من سرير نومه وبين فلذات كبده، إلى الرصاصة القاتلة. ذهبت يد الغدر بشيخ الإسلام الإمام العربي التبسي، وبالشاعرين في ربيع عمرهما، الربيع بوشامة، وعبد الكريم العقون، وبالصحافي الشاعر الأمين العمودي، وراعي الصحافة الإصلاحية أحمد بوشمال. وغيرهم كثيرون. كان (حوحو) رائداً في الأراضي الحجازية في موكب من الرواد من بينهم على سبيل التمثيل لا الحصر عبد القدوس الأنصاري، محمد سعيد العامودي، حمد الجاسر، محمد حسين زيدان، ومحمد عالم الأفغاني، أحمد السباعي، وعبد الحميد عنبر، وحسن فقي (فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً). عقدان من الإبداع الأدبي، أولهما في الحجاز من سنة 1934-1945م وثانيهما في الجزائر من سنة 1946-1956م، سنة استشهاده. وبين العقدين ومن خلالهما، سياحة ورحلات إلى مصر، وفرنسا وتشيكوسلوفاكيا، وروسيا وإيطاليا، ولعل الاتحاد السوفياتي كان أهم رحلاته، فقد كتب عنها سلسلة مقالات في الجريدة التي كان رئيس تحريرها في قسطنطينية (الشعلة). ويبقى العقدان، يتميزان ويتمايزان، يتساويان عدد سنين، ويتفاوتان، التفاوت الفاصل بين البدايات والنضج الإبداعي. وبرغم هذا التفاوت تظل البدايات ركناً أساسياً في دراسة الشخصية الأدبية. وبقدر ما لقي العقد الثاني من عمر (حوحو) الإبداعي في الجزائر من نصاف، وكتب عنه الكثير، وهو قليل بالقياس لنا يجب أن يكتب، فإن العقد الأول لم يحظ ببصيص من الضوء الكاشف، وظل في طي الكتمان، إلا إشارات هنا وهناك في ثنايا الحديث عن حياة الفقيد الشهيد، إشارات عابرة، لا تتعدى علاقة (حوحو) بمجلة (المنهل) دون الغوص في هذه العلاقة، وتحديد ملامحها. عن هذه الموضوعات وغيرها كثير يتحدث الكتاب الذي بين يدينا متناولاً: سيرة الشهيد (حوحو) بكاملها متحدثاً عن ريادته في الأدب واستشهاده في الثورة، إرثه الأدبي في الحجاز، نصوصه في الترجمة وفي القصة والمسرح ومقالاته الأدبية...