يمثل "معجم أمهات الأفعال: معانيها وأوجه استعمالها" مساهمة في العمل المعجمي الهادف إلى تتبع الكلمات عبر الزمان في مظانها، وإلى استنطاق مدلولاتها في سياقها ورصد ما يلون معانيها مما تقترن به من حروف وأدوات.
ولئن قصره المؤلف على الأفعال فلأن مدلول الفعل أشد تشعباً من معنى الاسم، فإذا كان مرجع هذا محدداً بذاته وفي ذاته فإن مرجع الفعل يتظافر على تحديده صيغته وما يتعلق به من أسماء وحروف فينتج عن ذلك فروع معنوية لا يمكن تصورها إذا اقتصر على الشرح المتمثل في المرادف أو في تحليل المعنى تحليلاً مجرداً.
لقد وضع هذا المعجم على أساس الشواهد فخص كل معنى من معاني الفعل الواحد بشاهد أو أكثر مما تجمع لدى المؤلف من ممارسته للنصوص البليغة قديمها وحديثها ومطالعاته المتنوعة لمؤلفات في فنون مختلفة. وللشاهد في هذا العمل أكثر من دور، فهو في حد ذاته الحجة الضامنة لمعنى الفعل المعني به، وهو دليل على ما يكون للفعل الواحد غالباً من فروع معنوية عديدة، وهو الوسيلة التي تبرز الفروق الدقيقة التي قد يتعذر على الشرح المجرد أن يفي بها، وهو أخيراً المسرح الذي تتداول عليه ما يتصل به الفعل من حروف وأدوات ولربما أسماء فيتشكل معناه أشكالاً تختلف باختلافها وتتجلى فيه دقائق تتنوع بتنوعها.
ولم يكتف المؤلف بتقديم الشواهد وإن كانت في حد ذاتها ناطقة بمعناها، مصورة له أحسن تصوير، بل حرص على شرح المعنى المستفاد منها شرحاً يجعل من اعتماد هذا المعجم عملاً سهلاً وخاصة للمتعلمين كما يبعث على الإعجاب بما يمكن أن يفيده الفعل الواحد من معان فرعية تعد أحياناً بالعشرات، وتتولد مما يقترن به لا من الحروف فقط ولكن مما يتعلق به أيضاً من الأسماء من ناحية ومن سياقه عامة من ناحية أخرى.