يقوم علم اللغة على مكونين أساسيين هما 1-علم المعجم، 2-علم النحو. ونظرية المكون الأول هي "نظرية التراكيب النحوية". والمفردات في المكوّن الأول "وحدات معجمية" لها "كيانات معقدة مجردة" لأن لكل منها وجهاً دالياً يكونه تأليفها الصوتي وبنيتها الصرفية، ومكوناً مدلولياً تكونه دلالته المعجمية أو المفهومية. ثم إن لكل منها نوعين من الخصائص: 1-خصائص ذاتية تمييزية، و2-خصائص علاقية. وأما في المكون الثاني، أي علم النحو فإن المفردات "ذرات تركيبة" لها محلاتها ووظائفها وحالاتها الإعرابية. والمفردات في المكون العجمي تصنف إلى وحدات معجمية عامة هي الألفاظ ووحدات معجمية مخصصة هي المصطلحات. ولا تختلف وحدات الصنف الثاني عن وحدات الصنف الأول من حيث هي جميعاً "كيانات معقدة مجرّدة" ذات خصائص ذاتية وخصائص علاقية. ولذلك فإن علم المعجم متأسس في الحقيقة على ما تسميه المعجمية العامة وقوامها الألفاظ، والمعجمية المختصة وقوامها المصطلحات. على أن المفردات في هذين الفرعين الكبيرين يبعث من حيث هي كيانات معقدة مجرّدة ذات خصائص ذاتية وخصائص علاقية، ومن حيث هي مداخل في "المعجم المدون"، والبحث الأولي نظري، وهو قوام المعجمية النظرية، والبحث الثاني تطبيقي، وهو قوام المعجمية التطبيقية، وهذا كله يعني أن "علم المعجم" يتفرع إلى مكوّنين رئيسيين هما "المعجمية العامة" و"المعجمية المختصة"، وأن كلاً من المكونين يتفرع إلى مبحث نظري، ومبحث تطبيقي. وفي هذا الكتاب عشرة بحوث حول علم المعجم، وسيجد القارئ أثر ذاك التصنيف الذي سيق ذكره في تلك البحوث، فإن القضايا المطروحة فيها وذلك ضمن فصول تمت تسميتها بالمسائل، تنتمي إلى المعجمية العامة والمعجمية المختصة، وسيجد في البحوث الخمسة الأولى مسائل نظرية تتعلق خاصة بمكونات المفردة أي ما به تكون كياناً معتمداً مجرداً. وبخصائصها الذاتية الضرورية، وبخصيصتي التفرد والتولّد فيها، وبقابليتها للحدسية المعجمية، وسيجد القارئ في بعض من البحثين وفي البحوث الأخيرة مسائل تطبيقية، تهمّ ركني الجمع والوضع في المعجم المدوّن، وهي تتعلق خاصة بمصادر الجمع وبالمستويات اللغوية، وبترتيب المداخل وبتعريفها، على أن من هذه البحوث الخمسة بحثاً، هو السابع ليس تطبيقياً، لأنه في "تحقيق المعاجم العلمية العربية المختصة". وهو في نقد تجربة بعينها من تجارب تحقيق نصوص التراث المصطلحي العربي، وخاصة نصوص "علم الأدوية المفردة" التي حاول الباحث في هذا الكتاب وفي غيره إظهار أهميتها، في تاريخ المعجمية المختصة العربية، والبرهان على صلتها الوثيقة بعلم المعجم.