-
/ عربي / USD
كتاب "التسولي" هذا يعتبر من نوادر كتب الجهاد الإسلامي، فقد تضمن أحكاماً جهادية فقهية عالية، شملت جميع أنواع الجهاد النابعة من الوقائع التي حدثت في ذلك العصر الذي ألف فيه، فلم يكن مجرد مؤلف قام كاتبه بتصنيفه من وحي فكرة عارضة، وإنما هو رسالة جهادية نابعة من أحداث عاصرت هذه الرسالة، وكانت مشابهة لكثير من أحداث عصرنا. وهو يصور الواقع السياسي والاجتماعي في المغرب العربي، وتوثيق الصلات والروابط والتعاون بين شعبه.
وهو يعتبر مبدأ المراسلات بين الأمير عبد القادر الجزائري والمولى عبد الرحمن بن هشام للاستفتاء والتعاون في صدّ الخطر الداهم، باعتبار أنه أول رسالة بينهما بعد احتلال الفرنسيين للجزائر، أراد بها الأمير عبد القادر أن يشعر المولى عبد الرحمن وينبهه بضرورة التعاون والتعاضد لطرد المستعمر الغاصب، كما وأمتاز هذا الكتاب بالشمولية فإلى جانب كونه مؤلفاً جهادياً مستقلاً تناول فيه مسائل ذات أهمية بالغة ناقش فيه –كما بينا- بعض القضايا التي لها صلة بالجهاد وجعل لها فصولاً مستقلة فتعرض لقضية عقوبة العاصي بالمال، وعقوبة مانع الزكاة فأخذ الغير بجريرة قومه وغيرها.
وقد جمع في كتابه هذا الكثير من الأقوال والمسائل الفقهية الجهادية التي رويت عن الإمام مالك وأعلام مذهبه هذا إلى جانب بيان وجهة النظر في المذاهب الأخرى في بعض الأحيان. كما جمع الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وآثار الصحابة في الجهاد إلى جانب الاستشهاد بالواقع الحربية وحيلها ومكائدها.
ومما يزيد من أهمية هذا الكتاب أن مصادره متنوعة وفيها ما يعتبر من أمهات المذهب. وقد كان المؤلف يورد المسائل التي اختلفت فيها آراء الفقهاء وكثيراً ما كان يرجح بينها ويعطي وجهة نظره. وكان يعطي كل فصل من الفصول الصيغة الجهادية العملية، فلا يكتفي بنقل الأقوال الفقهية في كل فصل وإنما يذيلها بالمواعظ والعبر والحث على الجهاد لإعلاء كلمة الله وعدم التكاسل.
وهكذا يمكننا أن نعتبر موسوعة عسكرية فقهية جمعت بين الفقه الجهادي والتنظيم العسكري، الأمر الذي أدى إلى انتشاره وظهوره خاصة في ذلك العصر الذي ظهر فيه هذا اللوم من التأليف بسبب الاحتلال الأجنبي.
انطلاقاً من هذه الأهمية فقد اعتنى "عبد اللطيف أحمد الشيخ محمد صالح" بتحقيق متن هذا الكتاب فاهتم أولاً: بنسخ المخطوط الذي بين يديه وسعى لرسم بعض الكلمات بما هو متعارف في عصرنا من الرسم الإملائي. ثانياً قارن بين النسخ الخطية، وأثبت الفروق في الهامش، وصحح ما كان فهيا من الأخطاء لغوية بالرجوع إلى المصادر الأهلية. ثالثاً: حقق وخرج النصوص الفقهية بالرجوع إلى مصادرها الأصلية التي اعتمد عليها المؤلف ونقل منها، ونسبت الأقوال إلى أصحابها ما استطاع إلى ذلك. رابعاً: خرج الآيات القرآنية ذاكراً اسم السورة ورقم الآية، وبما أن المؤلف في الغالب يقتصر على موطن الشاهد، فقد ذكر تمام الآية في الهامش. خامساً: شرح ما يحتاج إلى شرح وتوضيح مما يتعلق باللغة والفقه والمصطلحات العسكرية، بالرجوع إلى كتب المعاجم اللغوية، والقواميس الفقهية، سادساً: جعل للكتاب ملحقين تتميماً للفائدة، أحدهما: جواب التسولي المختصر على مسائل الأمير عبد القادر، وثانيهما: تقييد التسولي على فتوى علماء فاس ورد الجزائريين عليها. سابعاً: ذيل الكتاب بعدد من الفهارس الشاملة لتسهيل الإفادة منه والانتفاع به.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد