اقترن اسم صاحب هذا الكتاب أبو الحسن أحمد بن محمد العروضي باسم الراضي بالله العباسي، فهو تارة "معلم الراضي وأولاده" وتارة "معلم الراضي ونديمه". وقد ذكر القفطي أن العروضي كان متصدراً ببغداد يُقرئ العربية، وأنه روى عن عبيد بن عبد الرواحد ابن شريك وروى عنه ابن الثلاج. هذا وليس من...
اقترن اسم صاحب هذا الكتاب أبو الحسن أحمد بن محمد العروضي باسم الراضي بالله العباسي، فهو تارة "معلم الراضي وأولاده" وتارة "معلم الراضي ونديمه". وقد ذكر القفطي أن العروضي كان متصدراً ببغداد يُقرئ العربية، وأنه روى عن عبيد بن عبد الرواحد ابن شريك وروى عنه ابن الثلاج. هذا وليس من معلومات حول نشأة أبو الحسن العروضي وعن حياته قبل اتصاله بالمقتدر والراضي سوى أن لقي ثعلباً وأخذ عنه، كما لقي أبا إسحق الزجاج وتتلمذ له وروى عن ابن شريك. وقد عاش العروضي بعد موت الراضي في ظل ثلاثة خلفاء. المتقي والمستكفي والمطيع ومات في عهد هذا الأخير سنة 342هـ/953-954م عن سنّ يكون فيها قارب الثمانين. وتفيد أخباره أنه اشتهر باستخراج المعمّى، وقد ذكره التوحيدي في سياق الحديث عن عجب ابن عباد وادعائه التفوق على النابغين في شتى فنون المعرفة، قال: "قد استدرك مولانا على (الخليل) في العروض وعلى (أبي عمرو بن العلاء) في اللغة... وعلى (أبي الحسن العروضي) في (استخراج المعمّى). فجعله بذلك من الأعلام في هذا الفن. وليس من آثار عن العروضي سوى هذا الكتاب الذي جاء ذكره في المخطوط وهو "ألفات الوصل والقطع"، وكتاب آخر بعنوان "غريب القرآن" ذكره ابن النديم في الفهرست. وعن كتابه هذا يقول أبي الحسن العروضي في مقدمته: "هذا كتاب ألفناه في علم العروض وشرح أبوابه وتقطيع أبياته وتلخيص ألقابه، وتبين أوتاده وأسبابه. وشرطنا أن نقرب ما يبعد تناوله ويستصعب ركبه ويستوعر مسلكه، ولا نخليه من حجة تؤيده ومذهب يسنده، وشرح مستقصى يعضده، ونذكر فيه جملاً من مذاهب من سلف من أهل العلم به وأهل الحذق بمتصرفاته، وقدر رأيت بعض من ألف في ذلك كتاباً، فبدأ في أوله من الصعوبة ما يبغضه إلى الناظر فيه، وقدم أشياء لا يعرفها إلا ممن تمرن في علم العروض، مثلها يستصعب على المبتدئ ويزيده وحشة وفراراً... وما رأيت في هذه الكتب كتاباً هو أنفع ولا أجمع من كتاب أستاذنا أبي إسحاق الزجاج رحمه الله، فإنه كثير الفائدة حتى قلب المبتدئ مقنع الاحتجاج. بين الشرح وهذا الكتاب لا يقصر عنه أن شاء الله، لما نلحق فيه من الزيادات التي لم يذكرها أبو إسحاق".
مما ورد نستخلص بأن كتاب العروضي هذا جاء على نسق كتاب أبو إسحاق الزجاج مع زيادة في الشرح والتقريب والإيضاح ذاكراً العروضي فيه باباً في فكّ الدوائر وهو في غاية الاستقصاء والشرح ومفرداً فيه باباً لأبيات معاياة العروض، فإن ذلك يزيد الناظر فيه دراية في علم العروض، وأيضاً مفرداً فيه باباً لاستخراج المعنى مبيناً مشروحاً وباباً في استقصاء الحجة على من طعن في العروض والرد على الناشئ ومختتماً الكتاب بقصيدة في أبواب العروض جامعة تكون علماً لتمامه وكماله، ولم ينس العروض إيراد فوائد غربية وحجج بليغة، وبيت مستطرف، ومعنى مستغرب، ليكون هذا الكتاب قائماً بنفسه، غير محتاج إلى غيره من الكتب.