-
/ عربي / USD
مؤلف هذا الكتاب هو الشيخ عبد العزيز الثعالبي احد زعماء الإصلاح في النصف الأول من هذا القرن العشرين. ولد بتونس وتعلم بجامع الزيتونة، تلك المؤسسة العتيدة التي كان لها مع المدرسة الصادقية أعظم فضل في إبقاء تونس على إسلامها وعروبتها.
كان الشيخ الثعالبي من مؤسسي الحزب الحر الدستوري التونسي سنة 1919، وتميز بين أقرانه بالصرامة في المطالبة باستقلال البلاد دون ملاينة للاستعمار الفرنسي فتعرض للاضطهاد فسجن وحوكم ونفي عن بلاده فارتحل إلى عدة أقطار عربية وإسلامية واستبقي مدة بفلسطين ثم بالعراق ثم بمصر. وتوفي رحمه الله بتونس سنة 1944 في نحو السبعين من العمر.
وبفضل تكونه الأول في بيت والده ثم في الزيتونة ودرايته الواسعة بثقافة العرب وتاريخ الإسلام. وتفكيره المتواصل في قضايا الأمة الإسلامية، وكذلك بفضل العلاقات التي ربطها مع زعماء الإصلاح في الوطن العربي، كانت منازعه تتجاوز وطنه تونس فتشمل كافة البلاد العربية والإسلامية. هذا إلى جانب دوره الكبير في التعريف بقضايا الشعوب المستعمرة والدفاع عن حريتها.
وقد كان للكتاب الذي ألف مادته وأوكل إلى بعض مواطنيه ترجمته إلى الفرنسية فنشر في هذه اللغة بعنوان "تونس الشهيدة"، وكان لهذا الكتاب وقع كبير لا في المغرب العربي فحسب، بل وفي فرنسا ذاتها.
ولم يكتف الشيخ الثعالبي بغرس روح الوطنية في الشباب التونسي بالخطب البليغة والمقالات المحكمة النسخ القوية الاستدلال، بل ألف الكتب في السياسة وفي القضايا الاجتماعي وفي الإشارة بسماحة الإسلام.
ومنها هذا الكتاب في السيرة النبوية الذي نقدمه اليوم إلى القراء حتى يتعرفوا على بعض نشاط هذا المناضل الذي غمطته الأجيال الحاضرة حظه من الاحترام والاعتراف بالجميل، وحتى يقفوا بالخصوص على مناحي تفكيره في فهم روح الإسلام المسايرة لكل عصر ولكل مجتمع، وفي تحليل شخصية الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم, فقد أفتتن الشيخ بإنسانية النبي وبصبره الطويل على النكاية والأذى والسخرية وبحنكته السياسية التي بها أسس الدولة الإسلامية العادلة القوية وبأمانته في أداء المهمة التي ألقاها الله على عاتقه بكلمة "اقرأ".
نشر هذا الكتاب مرة أولى بتونس سنة 1988 في طبعة لم تسمح وسائل ذلك العصر بإتقانها وصيانتها من التحريف والتصحيف. ويبدو أن المؤلف كان ينوي نشر تتمة للكتاب. فـ"معجز محمد صلى الله عليه وسلم" على صورته هذه يبدو كتاباً مبتوراً من أوله. وتتوقف السيرة في الغزوات الأولى، ولا نظن أن المؤلف قصد الاختصار والانتقاء فقط، كأن يهتم بجوانب معينة من شخصية النبي ويبرز أحداثاً مخصوصة من سيرته. ينفي هذا الافتراض ما نلاحظه في الكتاب من الشرسان في تتبع حياة محمد من بداية الوحي إلى الاستقرار بالمدينة إلى القطيعة بينه وبين يهود يثرب. بل ربما لازم السرد المنظم -الذي لا ينفي الاستطراد والتعداد المطول أحياناً للأسماء- الذي نجده في الكتب القديمة كسيرة ابن هشام والسيرة الحلبية. وهو يصرح باعتماده على شرح السهيلي وعلى كتاب الإمتاع -ولعله للمقريزي- وعلى كتاب آخر يسميه الينبوع.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد