-
/ عربي / USD
في هذه الدراسة بحث شيق في الخيال الرحلي: دراسة في "رحلة الربيع والصيف لطه حسين"، فمقابل العمى الذي كان عائقاً عند صاحب "الأيام" كانت الرؤية البصرية بالعين - في العادة - هي وسيلة الرّحالة في تسجيل مشاهداتهم وأوصافهم للأماكن والبلاد التي يتجوّلون فيها.
أما رحلة طه حسين المعروفة بـ "رحلة الربيع والصيف" إلى اليونان وباريس عام 1957، والتي قام بها مع أفراد أسرته رفقة بعض الأصدقاء، فمع أنها تنتهج آليات النصوص الرحليّة، إلا أنها تختلف عنها، فعمد الكاتب في رحلته إلى كسر تلك القاعدة المتعارف عليها في أدبيات الرحلة، بأن الرحلة يقوم بها المبصرون، وأثبت - بلا ريبة - أن الإنسان رغم فقدانه لنعمة البصر يمكن أن يخوض هذا الميدان، ويقدّم عملاً متميزاً لا يكتفي بنقل مشاهدات مرافقه إليه (الذي كان بمثابة عينه المبصرة) أو الراوي الوسيط (المُلقّن) على الأماكن التي زارها وجاب رحابها، فالوصف لم يكن مباشراً وإنما جاء عبر راوٍ (عين رحّالة) وسيط، قام بنقل المشاهدات والأماكن بمنظور رؤيته الشخصيّة / وأيديولوجيا السّارد، وهذا الراوي / الرحالة لم يكن شخصاً واحداً، أو راويّاً ثابتاً وإنما كان متعدّداً / مُتغيّراً، وهو ما يشير بطرف خفي إلى تعدُّد أيديولوجيا السّارد؛ فتارة يأتي الرّوي عن طريق الزوجة وتارة أخرى يكون بلسان الأصدقاء وتحديداً سكرتيريه فريد شحاته.
ومع هذا الوسيط (أو المُلّقّن) الذي - يفترض أنه - يضع مسافة بين الرائِي / الرحّالة وبين الموصوف أماكن / معالم تاريخيّة، إلا أنّ طه حسين كَسَرَ هذه المسافة السّردية، أي عمل على تذويب المسافة الزمكانيّة، وجاء الرؤي بلسانه وكأنّ عينيه هي الناظرة ومصدره المباشر فيما يصف ويسرد، وهو ما وسم السرد والوصف (معاً) بسرد شخصي / ذاتي.
وقد نال عنها الباحث بامتياز جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، فرع الدراسات.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد