-
/ عربي / USD
يبين هذا الكتاب أن حرية الفكر الإسلامي كانت سبباً في تعدد الفرق وظهورها، وهم الذين يفضلون تطبيق الأحكام العقلية على النصوص الدينية، ولقي هؤلاء الأشخاص في العصر العباسي مرتعاً خصباً لآرائهم وأفكارهم ودعواتهم، فاستفاض فيهم هذا المذهب. والذي حثهم وشجعهم على الجهر بآرائهم انضواء المأمون إليهم، وصدعه بما لم يصدعوا به فقال بخلق القرآن، وضرم النار في أفكارهم، نار الجدل بين السنة والاعتزال، وزين له أن يتذرع بمنطق اليونانين لقهر خصومه، فدعا بترجمة الفلسفة، وأمضى الركائب في طلبها، من هنا حدا الناس على النظر فيها، والجدل بها، فنشأ من ذلك علم الكلام. وكان مبدأ لظهور الفلسفة العربية.
والفلسفة العربية لون من ألوان الفكر الإسلامي. وحادث من تاريخ التمدن العربي. وقد اتخذ بعض العلماء من الفلسفة سلاحاً يقارعون به أهل السنة، وعهد الى بعض أولي العزم والبصائر بالطعن عليهم وعليها، وتحذير الناس سراً منهم ومنها، حتى أصبحت الفلسفة في نظر الكثير مرادفة للزندقة والفيلسوف أيضاً عرضة للمقت والسخرية، كان ذلك عهد المأمون والمعتصم والواثق، أما في عهد المتوكل فصارت الدعوة ضدهم جهراً وعلانية، الأمر الذي حدا بالفلاسفة الى التستر، وصاروا يعقدون مجامعهم خفية. فكان من ذلك جماعة إخوان الصفا وخلان الوفا. الذين بعثوا في الفلسفة روح الحياة، ومهدوا لها طريق الشيوع. فأخذت الفلسفة في الانتشار، الى أن أصابها ما أصاب سائر العلوم من الضعف والفتور.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد