-
/ عربي / USD
إن عمدة علم أصول الفقه كيفية استنباط الأحكام الشرعية من نصوص القرآن و السنة النبوية و ما يؤول إليهما. و مهمة المجتهدين اقتباس الأحكام من أصولها و عمل المستنبط يتطلب فقه النص أي فهمه، إذ لا يمكن استنباط الحكم من النص إلا بإدراك المعنى و معرفة مرمى اللفظ و مدلوله، و تبين كيفية دلالته على الحكم و نوع تلك الدلالة و درجتها. كما أن فهم النص يتوقف على معرفة أساليب البيان في اللغة العربية، و طرق الدلالة فيها على المعاني، و ما تدل غليه ألفاظها مفردة و مركبة أسماء و أفعالا و حروفاً، و تلك الأساليب متنوعة و متعددة، فاللفظ من جهة شموله لما يدل عليه من معنى بوضعه و عدم شموله قد يكون خاصا مقصورا على معنى واحد أو معان معينة، و قد يكون عاما له امتداد و شمول يستغرق جميع الأفراد التي تنطوي تحته. كما أن اللفظ قد تتفاوت درجات وضوحه فليست الألفاظ في درجة واحدة من الوضوح و الخفاء. و اللفظ قد يستعمل في معناه الأصلي الذي وضع له لغة و قد يستعمل في غير معناه الموضوع له. و قد يعرف الحكم من صريح عبارة النص أو بواسطة إشارة النص التي تومئ إلى المعنى، أو عن طريق دلالة الإقتضاء بتقدير لفظ لابد من تقديره، و قد يكون المعنى منوطا به في نفس اللفظ، و قد يكون مفهوما و قد يكون المسكوت عنه أولى من الحكم المصرح به في النص، و ذلك كله هو الذي يبحث به الأصوليون عند كلامهم على أوجه الدلالات و طرق الاستنباط و كيفيته. و هذا الكتاب يعنى بأوجه دلالات الألفاظ على المعاني و طرق الاستنباط و كيفياتها، في ضوء القواعد و الضوابط التي استمدها الأصوليون من طبيعة اللغة العربية باستقراء أساليبها، و أساليب الشريعة في مخاطبتها للخلق مع توضيح ذلك بالأمثلة التطبيقية. و قد جاء في هذا الكتاب تمهيد تضمن مفهوم الدلالة و أقسامها، و أربعة أبواب: دلالة اللفظ على المعنى وضعا من حيث الشمول و عدمه. دلالة اللفظ على المعنى طهورا و خفاء. دلالة اللفظ من حيث استعماله في ما وضع له أو غير ما وضع له صريحا أو كناية. دلالة اللفظ على المعنى من حيث درجات القوة. و قد جاء الكتاب وسطا بين المذمومين الإيجاز المخل و الإسهاب الممل، متحريا الصواب و منهج الاعتدال.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد