-
/ عربي / USD
إن السيرة النبوية وسِيَر الصحابة وتاريخهم من أقوى مصادر القوة الإيمانية والعاطفة الدينية ، التي لا تزال هذه الأمة والدعوات الدينية تقتبس منها شعلة الإيمان وتشعل بها مجامر القلوب ، التي يسرع انطفاؤها وخمودها في مهب الرياح والعواصف المادية ، والتي إذا انطفأت فقدت هذه الأمة قوتها وميزتها وتأثيرها ، وأصبحت جثة هامدة تحملها الحياة على أكتافها .
إنها تاريخ رجال جاءتهم دعوة الإسلام فآمنوا بها ، وصدقتها قلوبهم ، وما كان قولهم إذ دُعوا إلى الله ورسوله إلا أن قالوا : [ ربّنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنّا ] [ آل عمران : 193 ] ، ووضعوا أيديهم في يد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهانت عليهم نفوسهم وأموالهم وعشيرتهم ، واستطابوا المرارات والمكاره في سبيل الدعوة على الله ، وأفضى يقينها إلى قلوبهم ، وسيطر على نفوسهم وعقولهم ، وصدرت عنهم عجائب الإيمان بالغيب ، والحب لله والرسول ، والرحمة على المؤمنين والشدة على الكافرين ، وإيثار الآخرة على الدنيا ، وإيثار الآجل على العاجل ، والغيب على الشهود ، والهداية على الجباية ، والحرص على دعوة الناس ، وإخراج خلق الله من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، والإستهانة بزخارف الدنيا وحطامها ، والشوق إلى لقاء الله والحنين إلى الجنة ، وعلو الهمة وبعد النظر في نشر رِفد الإسلام وخيراته في العالم ، وانتشارهم لأجل ذلك في مشارق الأرض ومغاربها ، وسهولها وحزونها ، وأغوارها وأنجادها ، ونسوا في ذلك لذّاتهم ، وهجروا راحاتهم ، وغادروا أوطانهم ، وبذلوا مهجهم وحُرّ أموالهم ، حتى ألقى الدين بجرانه ، وأقبلت القلوب إلى الله ، وهبّت رياح الإيمان قوية عاصفة ، طيبة مباركة ، وقامت دولة التوحيد والإيمان والعبادة والتقوى ، ونفقت سوق الجنة ، وانتشرت الهداية في العالم ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً .
وقد جمع هذا الكتاب من أخبار الصحابة رضوان الله عليهم وسيرهم وقصصهم وحكاياتهم ما يندر وجوده في كتاب واحد ؛ لأنه اقتبس من كتب كثيرة ؛ ككتب الحديث والمسانيد وكتب التاريخ وكتب الطبقات ، لذلك جاء هذا الكتاب يصوّر ذلك العصر ويمثل حياة الصحابة رضي الله عنهم وخصائصهم وأخلاقهم وخواطرهم ، وقد أسبغت هذه الدقة وهذا الإستقصاء والإكثار من الروايات والقصص على الكتاب تأثيراً لا يكون للكتب التي بُنيت على الإجمال والإختصار ومغزى القصة ، ويعيش القارىء لأجله في محيط الإيمان والدعوة ، والبطولة والفضيلة ، والإخلاص والزهد .
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد